وحسن مذهبه، وقصد سيرته (1)، ويمن نقيبته، مع ما قسم الله له من المحبة في المسلمين، والشبه بأمير المؤمنين، في عقله وسياسته وشيمته المرضية، ما دعانا إلى الرضا به في أمورنا، والقنوع به في الولاية علينا، فليوله أمير المؤمنين - أكرمه الله - عهده، وليجعله لنا ملجأ ومفزعا بعده، نأوي إليه إن كان كون فإنه ليس أحد أحق بها منه، فاعزم على ذلك، عزم الله لك في رشدك، ووفقك في أمورنا (2).
ما قال عبد الرحمن بن عثمان قال: ثم قام عبد الرحمن بن عثمان الثقفي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أصلح الله أمير المؤمنين، إنا قد أصبحنا في زمان مختلفة أهواؤه، قد أحدودبت علينا سيساؤه (3)، واقطوطبت (4) علينا أدواؤه، وأناخت علينا أبناؤه، ونحن نشير عليك بالرشاد، وندعوك إلى السداد، وأنت - يا أمير المؤمنين - أحسننا نظرا وأثبتنا بصرا، ويزيد ابن أمير المؤمنين قد عرفنا سيرته، وبلونا علانيته، ورضينا ولايته، وزادنا بذلك انبساطا، وبه اغتباطا، ما منحه الله من الشبه بأمير المؤمنين والمحبة في المسلمين، فاعزم على ذلك، ولا تضق به ذرعا، فالله تعالى يقيم به الأود، ويردع به الألد، وتأمن به السبل، ويجمع به الشمل، ويعظم به الأجر، ويحسن به الذخر. ثم جلس.
ما قال ثور بن معن قال: ثم قام ثور بن معن السلمي، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أصلح الله أمير المؤمنين، إنا قد أصبحنا في زمان صاحبه شاغب، وظله ذاهب مكتوب علينا فيه الشقاء والسعادة، وأنت يا أمير المؤمنين ميت نسأل الله بك المتاع ويزيد ابن أمير المؤمنين أقدمنا شرفا، وأبذلنا عرفا وقد دعانا إلى الرضا به،