بكتاب الله، وسنة نبيه، فلما حضرته الوفاة رأى أن يجعلها شورى بين ستة نفر، اختارهم من المسلمين، فصنع أبو بكر ما لم يصنعه رسول الله، وصنع عمر ما لم يصنعه أبو بكر، كل ذلك يصنعونه نظرا للمسلمين، فلذلك رأيت أن أبايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف، ونظرا لهم بعين الإنصاف.
ما قال عبد الله بن الزبير لمعاوية قال: وذكروا أن عبد الله بن الزبير قام إلى معاوية فقال (1): إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض، فترك الناس إلى كتاب الله، فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر، ثم رأى أبو بكر أن يستخلف عمر، وهو أقصى قريش منه نسبا، ورأى عمر أن يجعلها شورى بين ستة نفر اختارهم من المسلمين، وفي المسلمين ابنه عبد الله، وهو خير من ابنك، فإن شئت أن تدع الناس على ما تركهم رسول الله، فيختارون لأنفسهم، وإن شئت أن تستخلف من قريش كما استخلف أبو بكر خير من يعلم، وإن شئت أن تصنع مثل ما صنع عمر، تختار رهطا من المسلمين، وتزويها عن ابنك، فافعل (2).
فنزل معاوية عن المنبر، وانصرف ذاهبا إلى منزله، وأمر من حرسه وشرطته قوما أن يحضروا هؤلاء النفر الذين أبوا البيعة، وهم الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأوصاهم معاوية فقال: إني خارج العشية إلى أهل الشام، فأخبرهم أن هؤلاء النفر قد بايعوا وسلموا، فإن تكلم أحد منهم بكلام يصدقني أو يكذبني فيه، فلا ينقضي كلامه حتى يطير رأسه، فحذر القوم ذلك، فلما كان العشي، خرج معاوية، وخرج معه هؤلاء النفر، وهو يضاحكهم، ويحدثهم، وقد ألبسهم الحلل، فألبس ابن عمر حلة حمراء، وألبس الحسين حلة صفراء، وألبس عبد الله بن عباس حلة خضراء، وألبس ابن الزبير حلة يمانية. ثم خرج بينهم،