عامل البصرة لعلي بن أبي طالب فقال: يا أيها الناس، إنما بايعتم الله (يد الله فوق أيديهم، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) [الفتح 10] والله لو علم علي أن أحدا أحق بهذا الأمر منه ما قبله، ولو بايع الناس غيره لبايع من بايعوا، وأطاع من ولوا، وما به إلى أحد من صحابة رسول الله حاجة، وما بأحد عنه غنى، ولقد شاركهم في محاسنهم، وما شاركوه في محاسنه، ولقد بايعه هذان الرجلان وما يريدان الله، فاستعجلا الفطام قبل الرضاع، والرضاع قبل الولادة، والولادة قبل الحمل، وطلبا ثواب الله من العباد، وقد زعما أنهما بايعا مستكرهين. فإن كانا استكرها قبل بيعتهما كانا رجلين من عرض قريش لهما أن يقولا ولا يأمرا، ألا وإن الهدي ما كانت عليه العامة، والعامة على بيعة علي، فما ترون أيها الناس؟ فقام حكم بن جبل العبدي، فقال: نرى إن دخلا علينا قاتلناهما، وإن وقفا تلقيناهما والله ما أبالي أن أقاتلهما وحدي، وإن كنت أحب الحياة، وما أخشى في طريق الحق وحشة، ولا غيرة ولا غشا ولا سوء منقلب إلى بعث، وإنها لدعوة قتيلها شهيد، وحيها فائز، والتعجيل إلى الله قبل الأجر خير من التأخير في الدنيا، وهذه ربيعة معك.
نزول طلحة والزبير وعائشة البصرة قال: وذكروا أن طلحة والزبير لما نزلا البصرة (1)، قال عثمان بن حنيف:
نعذر إليهما برجلين، فدعا عمران بن الحصين صاحب رسول الله، وأبا الأسود الدؤلي، فأرسلهما إلى طلحة والزبير، فذهبا إليهما فناديا: يا طلحة فأجابهما، فتكلم أبو الأسود الدؤلي، فقال: يا أبا محمد، إنكم قتلتم عثمان غير مؤامرين لنا في قتله وبايعتم عليا غير مؤامرين في بيعته، فلم نغضب لعثمان إذ قتل، ولم نغضب لعلي إذ بويع، ثم بدا لكم، فأردتم خلع علي، ونحن على الأمر الأول، فعليكم المخرج مما دخلتم فيه. ثم تكلم عمران، فقال: يا طلحة، إنكم قتلتم عثمان ولم نغضب له إذا لم تغضبوا، ثم بايعتم عليا وبايعنا من بايعتم، فإن كان قتل عثمان صوابا فمسيركم لماذا؟ وإن كان خطأ فحظكم منه الأوفر، ونصيبكم منه الأوفى. فقال طلحة: يا هذان إن صاحبكما لا يرى أن معه في هذا الأمر غيره، وليس على هذا بايعناه، وأيم الله ليسفكن دمه. فقال أبو الأسود: يا عمران، أما