كتاب معاوية إلى ابن عباس (1) قال: وذكروا أن معاوية كتب إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أما بعد، فإنكم معشر بني هاشم لستم إلى أحد أسرع منكم بالمساءة إلى أنصار عثمان، فإن يك ذلك لسلطان بني أمية، فقد ورثها عدي وتيم، وقد وقع من الأمر ما قد ترى، وأدالت هذه الحرب بعضنا من بعض، حتى استوينا فيها، فما أطمعكم فينا، وما أيأسكم منا أيأسنا منكم، وقد رجونا غير الذي كان، وخشينا دون ما وقع، ولستم ملاقينا اليوم بأحد من حدكم أمس، وقد منعنا بما كان منا الشام، وقد منعتم بما كان منكم العراق، فاتقوا الله في قريش، فما بقي من رجالها إلا ستة: رجلان بالشام، ورجلان بالعراق، ورجلان بالحجاز، فأما اللذان بالحجاز: فسعد، وعبد الله بن عمر، وأما اللذان بالشام: فأنا، وعمرو، وأما اللذان بالعراق، فعلي وأنت. ومن الستة رجلان ناصبان لك، وآخران واقفان عليك، وأنت رأس هذا الجمع اليوم وغدا، ولو بايع الناس لك بعد عثمان كنا أسرع إليك منا إلى علي.
جوابه قال: وذكروا أنه لما أتى كتاب معاوية إلى ابن عباس ضحك، ثم قال، حتى متى يخطب إلي معاوية عقلي؟ وحتى متى أجمجم له عما في نفسي؟
فكتب إليه: أما بعد، فقد جاءني كتابك فأما ما ذكرت من سرعتنا بالمساءة إلى أنصار عثمان لسلطان بني أمية، فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك، لقد استنصرك فلم تنصره، حتى صرت إلى ما صرت إليه، وبيني وبينك في ذلك ابن عمك، وأخو عثمان الوليد بن عقبة (2)، وأما قولك: إنه لم يبق من رجال قريش غير ستة، فما أكثر رجالها، وأحسن بقيتها، وقد قاتلك من خيارها من قاتلك، ولم يخذلنا إلا من خذلك، وأما إغراؤك إيانا بعدي وتيم، فأبو بكر وعمر كانا