مصر (1)، ومنها أن قيصر زحف بجماعة الروم ليغلب على الشام، ومنها (2) أن عليا قد تهيأ للمجئ إلينا، فما عندك؟ قال عمرو: كل هذا عظيم، أما ابن أبي حذيفة فخرج في أشباهه من الناس، فإن تبعث إليه رجلا يقتله، وإن يقتل فلا يضرك، وأما قيصر فأهد له من وصائف الروم ومن الذهب والفضة، واطلب إليه الموادعة، تجده إليها سريعا، وأما علي فوالله إن له في الحرب لحظا ما هو لأحد من الناس، وإنه لصاحب الأمر. قال معاوية: صدقت، ولكني أقاتله على ما بأيدينا، ونلزمه دم عثمان. فقال عمرو: وا سوأتاه إن أحق الناس ألا يذكر عثمان لأنا ولأنت، قال معاوية: ولم؟ فقال عمرو: أما أنت فخذلته ومعك أهل الشام، واستغاثك فأبطأت عليه، وأما أنا فتركته عيانا، وهربت إلى فلسطين. قال معاوية: دعني من هذا، هلم فبايعني. فقال عمرو: لا والله ولا أعطيك من ديني حتى آخذ من دنياك، قال معاوية: صدقت، سل تعط، قال عمرو: مصر طعمة.
فغضب مروان بن الحكم، وقال: ما بالي لا أشترى، فقال معاوية: اسكت يا بن عم، فإنما يشترى لك الرجال. فكتب معاوية لعمرو: مصر طعمة.
كتاب معاوية إلى أهل مكة والمدينة وجوابهما قال: وذكروا أن معاوية قال لعمرو: إني أريد أن أكتب إلى أهل مكة والمدينة كتابا أذكر فيه قتل عثمان، فإما أن ندرك به حاجتنا، أو نكفهم عن المسير. فقال له عمرو: إلى من تكتب؟ قال إلى ثلاثة نفر: رجل لعلي لا يريد غيره، ولا يزيده كتابنا فيه إلا بصيرة، أو رجل يهوى عثمان، فلا يزيده على ما هو عليه، أو رجل معتزل لا يريد القتال (3). قال عمرو: على ذلك؟ قال: نعم. قال:
اكتب، فكتب إلى أهل مكة والمدينة: أما بعد، فإنه مهما غاب عنا فإنه لم يفت علينا أن عليا قتل عثمان، والدليل على ذلك أن قتلته عنده، وإنما نطلب بدمه حتى يدفع إلينا قتلته، فنقتلهم بكتاب الله تعالى، فإن دفعهم إلينا كففنا عنه،