وأحلف بالله ليأتينكم من خضر (1) الخيل اثنا عشر ألفا، فانظروا كم الشهب (2) وغيرها؟ فقال له علي: ما يريدون بذلك؟ قال: يريدون بذلك والله خبط رقبتك.
فقال علي: تربت يداك، وكذب فوك، أما والله لو أن رسولا قتل لقتلتك. فقام الصلت (3) بن زفر فقال: بئس وافد أهل الشام أنت ورائد أهل العراق، ونعم العون لعلي، وبئس العون لمعاوية، يا أخا عبس أتخوف المهاجرين والأنصار بخضر الخيل، وغضب الرجال؟ أما والله ما نخاف غضب رجالك، ولا خضر خيلك، فأما بكاء أهل الشام على قميص عثمان، فوالله ما هو بقميص يوسف ولا بحزن يعقوب (4)، ولئن بكوا عليه بالشام، لقد خذلوه بالحجاز، وأما قتالهم عليا، فإن الله يصنع في ذلك ما أحب. قال: وإن العبسي أقام بالعراق عند علي، حتى اتهمه معاوية، ولقيه المهاجرون والأنصار فأشربوه حب علي، وحدثوه عن فضائله، حتى شك في أمره.
قدوم ابن عم عدي بن حاتم الشام قال: وذكروا أن عدي بن حاتم قدم إلى علي بالكوفة، قبل أن يسير إلى البصرة، فقال: يا أمير المؤمنين، لسنا نخاف أحدا إلا معاوية، وعندي رجل من قومي يريد أن يزور ابن عم له بالشام، يقال له حابس بن سعد، فلو أمرناه أن يلقى معاوية لعله أن يكسره ويكسر أهل الشام؟ فقال له علي: افعل، فأغروه بذلك، فلما قدم على ابن عمه، وكان سيد طئ بالشام، سأله فأخبره أنه شهد قتل عثمان بالمدينة المنورة، وسار مع علي إلى الكوفة، وكان له لسان وهيبة، فغدا به حابس إلى معاوية، فقال: هذا ابن عمي، قدم من الكوفة، وكان مع علي، وشهد قتل عثمان بالمدينة، وهو ثقة، فقال له معاوية: حدثنا عن أمر عثمان، قال: نعم وليه محمد بن أبي بكر، وعمار بن ياسر، وتجرد في أمره ثلاثة نفر، عدي بن حاتم، والأشتر النخعي، وعمرو بن الحصين. ودب في أمره