هذا فقد صرح أنه إنما غضب للملك. ثم أتيا الزبير فقالا: يا أبا عبد الله، إنا أتينا طلحة، قال الزبير: إن طلحة وإياي كروح في جسدين، وإنه والله يا هذان، قد كانت منا في عثمان فلتأت، احتجنا فيها إلى المعاذير، ولو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا نصرناه، ثم أتيا فدخلا على عائشة، فقالا: يا أم المؤمنين، ما هذا المسير؟ أمعك من رسول الله به عهد؟ قالت: قتل عثمان مظلوما، غضبنا لكم من السوط والعصا، ولا نغضب لعثمان من القتل؟ فقال أبو الأسود: وما أنت من عصانا وسيفنا وسوطنا؟ فقالت: يا أبا الأسود، بلغني أن عثمان بن حنيف يريد قتالي. فقال أبو الأسود: نعم والله قتالا أهونه تندر منه الرؤوس (1). وأقبل غلام من جهينة إلى محمد بن طلحة، فقال له: حدثني عن قتلة عثمان، قال: نعم، دم عثمان على ثلاثة أثلاث، ثلث على صاحبة الهودج، وثلث على صاحب الجمل الأحمر (2)، وثلث على علي بن أبي طالب. فضحك الجهني، ولحق بعلي بن أبي طالب، وبلغ طلحة قول ابنه محمد، وكان محمد من عباد الناس، فقال له: يا محمد، أتزعم عنا قولك إني قاتل عثمان، كذلك تشهد على أبيك؟
كن كعبد الله بن الزبير، فوالله ما أنت بخير منه، ولا أبوك بدون أبيه، كف عن قولك، وإلا فارجع فإن نصرتك نصرة رجل واحد، وفسادك فساد عامة. فقال محمد: ما قلت إلا حقا، ولن أعود.
نزول علي بن أبي طالب الكوفة قال: وذكروا أن عليا لما نزل قريبا من الكوفة (3) بعث عمار بن ياسر، ومحمد بن أبي بكر (4) إلى أبي موسى الأشعري، وكان أبو موسى عاملا لعثمان على الكوفة، فبعثهما علي إليه وإلى أهل الكوفة يستفزهم، فلما قدما عليه قام عمار بن ياسر، ومحمد بن أبي بكر، فدعوا الناس إلى النصرة لعلي، فلما أمسوا