بالشخوص مع الأحنف بن قيس، فشخص معه منهم ألف وخمس مئة رجل، فاستقبلهم ابن عباس، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل البصرة، قد جاءني كتاب أمير المؤمنين يأمرني بإشخاصكم، فأمرتكم بالمسير إليه مع الأحنف بن قيس، فلم يشخص إليه منكم إلا ألف وخمس مئة، وأنتم في الديوان ستون ألفا سوى أبنائكم وعبدانكم ومواليكم. ألا فانفروا (1)، ولا يجعل امرؤ على نفسه سبيلا، فإني موقع بكل من وجدته تخلف عن دعوته، عاصيا لإمامه، حزنا يعقب ندما، وقد أمرت أبا الأسود بحشدكم، فلا يلم امرؤ جعل السبيل على نفسه إلا نفسه.
ما قال علي كرم الله وجهه لأهل الكوفة قال: فحشد أبو الأسود الناس بالبصرة، فاجتمع عليه ألف وسبع مئة فأقبل هو والأحنف بن قيس، حتى وافيا عليا بالنخيلة، فلما رأى علي أنه إنما قدم عليه من أهل البصرة ثلاثة آلاف ومئتا رجل (2)، جمع إليه رؤساء الناس وأمراء الأجناد ووجوه القبائل، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أهل الكوفة أنتم إخواني وأنصاري وأعواني على الحق، ومجيبي إلى جهاد المحلين، بكم أضرب المدبر، وأرجو إتمام طاعة المقبل، وقد بعثت إلى أهل البصرة، فاستنفرتهم، فلم يأتني منهم غير ثلاثة آلاف ومئتين، فأعينوني بمناصحة سمحة، خلية من الغش، وإني آمركم أن يكتب إلي رئيس كل قوم منكم ما في عشيرته من المقاتلة، وأبنائهم الذين أدركوا القتال والعبدان والموالي، وارفعوا ذلك إلي ننظر فيه إن شاء الله.
فقام سعد بن قيس الهمداني، فقال: يا أمير المؤمنين سمعا وطاعة، وودا ونصيحة، أنا أول الناس، وأول من أجابك بما سألت وطلبت.
ثم قام عدي بن حاتم وحجر بن عدي وأشراف القبائل، فقالوا: نحن كذلك، ثم كتبوا ورفعوا إلى علي، فكان جميع ما رفعوا إليه أربعين ألف مقاتل،