كتاب علي إلى جرير بن عبد الله قال: وذكروا أن عليا كتب إلى جرير بن عبد الله، وكان على ثغر همذان، كان استعمله عليه عثمان، فكتب علي إليه مع زفر بن قيس: أما بعد، فإن الله (لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له، وما لهم من دونه من وال) [الرعد: 11]. ثم إني أخبرك عنا وعمن سرنا إليهم، من جمع طلحة والزبير، عند نكثهما ببيعتهما، وما صنعا بعاملي عثمان بن حنيف: إني هبطت من المدينة بالمهاجرين والأنصار، حتى إذا كنت ببعض الطريق، بعثت إلى الكوفة الحسن ابني، وعبد الله بن العباس ابن عمي، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد بن عابدة، فاستنفرتهم بحق الله ورسوله فأجابوا، وسرت بهم، حتى نزلت بظهر البصرة، فأعذرت في الدعاء، وأقلت في العثرة، وناشدتهم عقد بيعتهم، فأبوا إلا قتالي، فاستعنت الله عليهم، فقتل من قتل، وولوا مدبرين إلى مصرهم، فسألوني ما كنت دعوتهم إليه قبل اللقاء، فقبلت العافية، ورفعت عنهم السيف، واستعملت عليهم عبد الله بن عباس، وبعثت إليك زفر (1) بن قيس فاسأله عنا وعنهم.
خطبة زفر (1) بن قيس قال: وذكروا أنه لما قدم زفر (1) على جرير بكتاب علي، وقرأه جرير، قام زفر (1) خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن عليا كتب إليكم بكتاب لا يقول بعده إلا رجيعا من القول، إن الناس بايعوا عليا بالمدينة غير محاباة ببيعتهم، لعلمه بكتاب الله، ويرى الحق فيه، وإن طلحة والزبير نقضا بيعة علي على غير حدث، ثم لم يرضيا حتى نصبا له الحرب، وألبا عليه الناس. وأخرجا أم المؤمنين عائشة من حجاب ضربه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عليها، فلقيهما فأعذر في الدعاء، وخشي البغي، وحمل الناس على ما يعرفون، فهذا عيان ما غاب عنكم. وإن سألتم الزيادة زدناكم.