بعدنا. فقال له عثمان: أسكت، ما أنت وهذا؟ فقام إليه رجل من المهاجرين، فقال له: يا عثمان، أرأيت ما حميت من الحمى (آلله أذن لكم أم على الله تفترون) [يونس: 59] فقال عثمان: إنه قد حمى الحمى قبلي عمر لإبل الصدقة، وإنما زادت فزدت، فقام عمرو بن العاص فقال: يا عثمان، إنك ركبت بالناس نهابير (1) من الأمر، فتب إلى الله يتوبوا، فرفع عثمان يديه وقال: توبوا إلى الله من كل ذنب، اللهم إني أول تائب إليك. ثم قام رجل من الأنصار فقال:
يا عثمان: ما بال هؤلاء النفر من أهل المدينة يأخذون العطايا ولا يغزون في سبيل الله. وإنما هذا المال لمن غزا فيه وقاتل عليه، إلا من كان من هذه الشيوخ من أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، فقال عثمان: فاستغفر الله وأتوب إليه. ثم قال: يا أهل المدينة، من كان له منكم ضرع فليلحق بضرعه ومن كان له زرع فليلحق بزرعه فإنا والله لا نعطي مال الله إلا لمن غزا في سبيله، إلا من كان من هذه الشيوخ من الصحابة. قال: فما بال هذا القاعد الشارب لا تقيم عليه الحد؟ (يعني الوليد بن عقبة) (2)، فقال عثمان لعلي: دونك ابن عمك فأقم عليه الحد. فقال علي للحسن: قم فاجلده. فقال الحسن ما أنت وذاك؟ هذا لغيرك، قال علي: لا، ولكنك عجزت وفشلت، يا عبد الله بن جعفر، قم فاجلده. فقام فضربه وعلي يعد، فلما بلغ أربعين أمسك وقال: جلد رسول الله أربعين، وأبو بكر أربعين. وكملها عمر ثمانين. وكل سنة.
حصار عثمان رضي الله عنه قال: وذكروا أنه لما اشتد الطعن على عثمان، استأذنه علي في بعض بواديه (3) ينتحي إليها! فأذن له. واشتد الطعن على عثمان بعد خروج علي. ورجا الزبير وطلحة أن يميلا إليهما قلوب الناس، ويغلبا عليهم، واغتنما غيبة علي،