مضت بغياث العالمين وغوثهم * وغاب على رغم البرايا امامها فمن بعده للمجتدين ينيلهم * إذا ما السنون الشهب امحل عامها لقد كان من كفيه عشر غمائم * تسح إذا الأيام جف غمامها ومن بعده للمجتلين يريهم * سنا الشمس في عشواء داج ظلامها ومن للقضايا المشكلات يحلها * بفصل القضا ان ثار يوما خصامها به سلك الناس السبيل إلى الهدى * فغاب فعجت بالمراثي كرامها وطارت شعاعا من جسوم نفوسها * وذابت قلوب شب فيها ضرامها دهاها نعى ناع بفيه رغامها * فقرح أكباد الأنام أوامها وصاح جنا المصباح والنعمة انطوت * عن الأرض فارتجت وضجت شئامها وفلت يد الأيام سيفا بعامل * فأضحت يدا شلاء بان حسامها وعط الجوى مني الحوايا وأرسلت * عيوني دما من ذوب قلبي انسجامها وبت كأني بين أنياب ارقش * مسهد عين بان عنها منامها خليلي هبا وانشدا أين مهجتي * فقد ظعنت عيني وشط مرامها وانحلني رزء جليل فلو على * ثمام أراني لا يميل ثمامها واني لفي شغل بنفسي عن الورى * وشغلي بها عمن سواها جمامها ولم يبق لي في خلة الناس مطمع * فقد قل من يرعى لديه ذمامها أ أرجو صفاء من قلوب كأنها * صفا الصم ان تصدع عناك التئامها وما كل ارض تنبت الزرع يانعا * وان أنبتت كان النتاج حطامها ارى واحدا كالالف لكن كواحد * ألوف وان لم تحص عدا فئامها وكم فيهم من يعجب الناس منظرا * ويعجب بين السحب مرآى جهامها وما الناس الا خابط اثر خابط * بليل على عمياء مرخى زمامها فدعني ونفسي والجوى لرزية * يسيل لها من سحب دمعي ركامها بها ثلم الاسلام والعلم ثلمة * وتلك لعمري لا يسد انثلامها مصاب دهى الدنيا بفقد عميدها * وغيب شمس الكون عنها حمامها وحامت قلوب الناس حول سريره * لتروى كما للورد حام حمامها وحفوا اعتصاما من حوادث دهرهم * به وبه الأيام كان اعتصامها وساروا به والأرض مادت كأنما * هي الساعة العظمى دهاهم قيامها واموا به من جنة الخلد روضة * فحل بها طود البلاد همامها طووا في الثرى من كان آمنا لخائف * وصمصامة ما كان يخشى انحطامها طووا مزنة التاميل بحر معارف * ونجما به في الأرض يهدي انامها هو الحبر عبد الله نعمة ربه * مضى وعرى العلياء بان انفصامها مضى علم الاعلام عنها فنكست * وأعناقها مالت وطأطأ هامها وقال في رحلة له من العراق إلى الشام من أرجوزة طويلة:
والصبح جئنا قرية الرمادي * ميلا من الادلاج والسهاد ومذ دنا وقت الأصيل اوجفوا * مثل سهام أو كريح تعصف وقد أتينا بقعة وعرسوا * بها إلى الصبح وقلبي يوجس وفي الصباح هجهجوا وساروا * وللنوى في مهجتي أوار وجاءت النوى بنا لهيت * قد أحرقت بالقير والكبريت مغبرة الارجاء والجوانب * فلا سقاها صيب السحائب نلت بها من الأذى ما لم يطق * من الغبار وتواتر العرق ثم ارتحلنا ساعة تكاد * من حرها تلتهب الأكباد وقد أتى الليل بوجه عابس * مرتديا بحلة الحنادس ونحن نطوي البيد حزنا سهلا * ومهجتي في حر نار تصلى وقد أتى السير بنا راد الضحى * إلى مكان بالرياض اتشحا وفيه جبة بوسط الماء * مبنية محكمة البناء قد غرست حدائق النخيل * بها فطابت منزل النزيل يخفق في ارجائها النسيم * فطاف في كؤوسه النديم وهاجني سواجع الأطيار * بها على منابر الأشجار بها أقمنا ليلة ويوما * والركب نالوا راحة ونوما وثور الحادي بنا صباحا * وجد جدا يسبق الرياحا ولم نزل نسري وقلبي هائم * على حمى الغري شوقا حائم والتزموا من السرى حثيثه * حتى أتينا قرية الحديثة وهذه كجبة مبنيه * لكن سجايا أهلها رديه قد سرقوا منا اناء السمن * فبت فيها فاقدا للأمن ارعى ثيابي تارة وصحبي * مسهدا طرفي حذار النهب ومذ أضاء الصبح صرنا نبتغي * عناء عانة ولما نبلغ حتى اعتلا نهارنا فخيموا * في جنب خان ليته يهدم والعصر قد صرنا نجوب البيدا * سير ظليم جدلا وئيدا وما بلغنا عانة حتى ذهب * صبري وأوهى جلدي أذى التعب فصرت ساعتين في الأشجار * جدا على قناطر الأنهار وكم بها غرس من الحدائق * عن حصره يحصر فكر الحاذق وما بلغنا منزل النزال * في وسطها الا بقلب بال فبت والعظام مني واهيه * ومهجتي في حر نار صاليه ونمت فيها وصبا محموما * موزع القلب جوى مغموما ومذ أضاء الصبح والنهار * تفرق القوم لكي يمتاروا فاشتروا الأدنى باغلى ثمن * فقبحت من بلد ومسكن وجاءنا النائب فيها عصرا * مبتغي الأنس فقلنا بشرا وجئته بالكؤوس كالدرر * ثم استحالت كعقيق احمر وجاءنا الحاكم وهو القيم * مقام والي الامر فيما يحكم وصاح قبل الصبح حادي السفر * فهجهجوا ثم غدونا نسري نطوي بأرض عانة الحزونا * وأعيني قد هملت شجونا وبينما نسري إذا بالنائب * اضحى سميري وغدا في جانبي ثم تسامرنا باخبار السلف * وذكر أرباب المعالي والشرف والظهر جئنا لمكان خالي * ما فيه غير النؤي والاطلال هواؤه نار تلظى فاستقل * قلبي وجسمي قد أذابته العلل حتى إذا ما الليل وافى وهجم * ببرده و الحر ولى وانهزم وانتصف الليل فصرنا نقطع * احشاءه ودمع عيني يهمع مولع القلب بسكان الحمى * وبعدهم نارا بقلبي اضرما ألهج في ليت أعود ولعل * مشتكيا لله فيما بي نزل ولم نزل نشق جلباب الدجى * حتى مضى بجنده مهجهجا والصبح كالسيف بهام المجرم * عمدا بدا أو غرة في أدهم والشمس لاحت مثل خد لطما * فاحمر أو مبيض خد لثما وقد أضر الجد والمسير * بنا وجاء الحر والهجير ومالت الشمس إلى الزوال * فخيم الركب بلا امهال وارتفع النهار والغبار * وفر عني الصبر والقرار في منزل به لئام الناس * فقبحوا من فئة انكاس وعرس الركب وعند الفجر * سروا وآماقي دموعا تجري