وكانت وفاته في جمادى الآخرة (1) ودفن بظاهر دمشق رحمه الله.
محمد بن عبد الوهاب بن منصور شمس الدين أبو عبد الله الحراني الحنبلي تلميذ الشيخ مجد الدين ابن تيمية، وهو أول من حكم بالديار المصرية من الحنابلة نيابة عن القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز، ثم ولى شمس الدين ابن الشيخ العماد القضاء مستقلا فاستناب به، ثم ترك ذلك ورجع إلى الشام يشتغل ويفتي إلى أن توفي وقد نيف على الستين رحمه الله.
ثم دخلت سنة ست وسبعين وستمائة فيها كانت وفاة الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، صاحب البلاد المصرية والشامية والحلبية وغير ذلك، وأقام ولده ناصر الدين أبا المعالي محمد بركه خان الملقب السعيد من بعده، ووفاة الشيخ محيي الدين النووي إمام الشافعية فيها في اليوم السابع من المحرم منها، ودخل السلطان الملك الظاهر من بلاد الروم وقد كسر التتار على البلستين، ورجع مؤيدا منصورا فدخل دمشق وكان يوم دخوله يوما مشهودا، فنزل بالقصر الأبلق الذي بناه غربي دمشق بين الميدانين الأخضرين، وتواترت الاخبار إليه بأن أبغا جاء إلى المعركة ونظر إليها وتأسف على من قتل من المغول وأمر بقتل البرواناه وذكروا أنه قد عزم على قصد الشام، فأمر السلطان بجمع الامراء وضرب مشورة فاتفق مع الامراء على ملاقاته حيث كان [من البقاع] (2)، وتقدم بضرب الدهليز على القصر (3)، ثم جاء الخبر بأن أبغا قد رجع إلى بلاده فأمر برد الدهليز وأقام بالقصر الأبلق يجتمع عنده الأعيان والامراء والدولة في أسر حال، وأنعم بال. وأما أبغا فإنه أمر بقتل البرواناه - وكان نائبه على بلاد الروم - وكان اسمه معين الدين سليمان بن علي بن محمد بن حسن، وإنما قتله لأنه اتهمه بممالاته للملك الظاهر، وزعم أنه هو الذي حسن له دخول بلاد الروم، وكان البرواناه شجاعا حازما كريما جوادا، وله ميل إلى الملك الظاهر، وكان قد جاوز الخمسين لما قتل.
ثم لما كان يوم السبت خامس عشر المحرم توفي الملك القاهر بهاء الدين عبد الملك بن السلطان المعظم عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب، عن أربع وستين سنة، وكان رجلا جيدا سليم الصدر كريم الأخلاق، لين الكلمة كثير التواضع، يعاني ملابس العرب ومراكبهم، وكان