الصاحب محيي الدين بن النحاس أبو عبد الله محمد بن بدر الدين يعقوب بن إبراهيم بن عبد الله (1) بن طارق بن سالم بن النحاس الأسدي الحلبي الحنفي، ولد سنة أربع عشرة وستمائة بحلب، واشتغل وبرع وسمع الحديث وأقام بدمشق مدة، ودرس بها بمدارس كبار، منها الظاهرية والريحانية (2)، وولي قضاء بحلب والوزارة بدمشق، ونظر الخزانة ونظر الدواوين والأوقاف، ولم يزل مكرما معظما معروفا بالفضيلة والانصاف في المناظرة، محبا للحديث وأهله على طريقة السلف، وكان يحب الشيخ عبد القادر وطائفته، توفي بالمزة عشية الاثنين سلخ ذي الحجة، وقد جاوز الثمانين، ودفن يوم الثلاثاء مستهل سنة ست وتسعين بمقبرة له بالمزة، وحضر جنازته نائب السلطنة والقضاة.
قاضي القضاة تقي الدين أبو القاسم عبد الرحمن بن قاضي القضاة تاج الدين أبي محمد عبد الوهاب بن القاضي الأعز أبي القاسم خلف بن بدر العلائي الشافعي، توفي في جمادى الأولى ودفن بالقرافة بتربتهم.
ثم دخلت سنة ست وتسعين وستمائة استهلت والخليفة والسلطان ونائب مصر ونائب الشام والقضاة هم المذكورون في التي قبلها والسلطان الملك العادل كتبغا في نواحي حمص يتصيد، ومعه نائب مصر لاجين وأكابر الامراء، ونائب الشام بدمشق وهو الأمير سيف الدين غرلو العادلي. فلما كان يوم الأربعاء ثاني المحرم دخل السلطان كتبغا إلى دمشق وصلى الجمعة بالمقصورة وزار قبر هود وصلى عنده، وأخذ من الناس قصصهم بيده، وجلس دار العدل في يوم السبت ووقع على القصص هو ووزيره فخر الدين الخليلي. وفي هذا الشهر حضر شهاب الدين بن محيي الدين بن النحاس في مدرستي أبيه الريحانية (2) والظاهرية وحضر الناس عنده، ثم حضر السلطان دار العدل يوم الثلاثاء وجاء يوم الجمعة فصلى الجمعة بالمقصورة ثم صعد في هذا اليوم إلى مغارة الدم لزيارتها، ودعا هنالك وتصدق بجمله من المال، وحضر الوزير الخليلي ليلة الأحد ثالث عشر المحرم إلى الجامع بعد العشاء فجلس عند شباك الكاملية وقرأ القراؤن بين يديه، ورسم بأن يكمل داخل الجامع بالفرش