وحصن برزية، فما نعمهم الأمير سيف الدين سنقر الأشقر، فلم يزالوا به حتى استنزلوه وسلمهم البلاد، وسار إلى خدمة السلطان الملك المنصور، فتلقاه بالاكرام والاحترام، وأعطاه تقدمة ألف فارس، ولم يزل معظما في الدولة المنصورية إلى آخرها، وانقضت تلك الأحوال. وفي النصف من المحرم حكم القاضي جلال الدين الحنفي نيابة عن أبيه حسام الدين الرازي، وفي الثالث عشر من ربيع الأول قدم القاضي شهاب الدين محمد بن القاضي شمس الدين بن الخليل الخوي من القاهرة على قضاء قضاة دمشق، وقرئ تقليده يوم الجمعة مستهل ربيع الآخر، واستمر بنيابة شرف الدين المقدسي. وفي يوم الأحد ثالث شوال درس بالرواحية الشيخ صفي الدين الهندي، وحضر عنده القضاة والشيخ تاج الدين الفزاري، وعلم الدين الدويداري، وتولى قضاء قضاة القاهرة تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز، عوضا عن برهان الدين الخضر السنجاري (1)، وقد كان وليها شهرا بعد ابن الخوي فاجتمع حينئذ إلى ابن بنت الأعز بين القضاء كله بالديار المصرية، وذلك في أوائل صفر منها.
وفيها استدعى سيف الدين السامري من دمشق إلى الديار المصرية ليشتري منه ربع جزر ما الذي اشتراه من بنت الملك الأشرف موسى، فذكر لهم أنه وقفه، وكان المتكلم في ذلك علم الدين الشجاعي، وكان ظالما، وكان قد استنابه الملك المنصور بديار مصر، وجعل يتقرب إليه بتحصيل الأموال، ففتق لهم ناصر الدين محمد بن عبد الرحمن المقدسي أن السامري اشترى هذا من بنت الأشرف (2)، وهي غير رشيدة، وأثبت سفهها على زين الدين بن مخلوف الجائر الجاهل، وأبطل البيع من أصله، واسترجع على السامري بمغل (3) مدة عشرين سنة مائتي ألف درهم، وأخذوا منه حصة من الزنبقية قيمتها سبعين ألفا وعشرة آلاف مكملة، وتركوه فقيرا على برد الديار، ثم أثبتوا رشدها واشتروا منها تلك الحصص بما أرادوه، ثم أرادوا أن يستدعوا بالدماشقة واحدا بعد واحد، ويصادرونهم، وذلك أنه بلغهم أن من ظلم بالشام لا يفلح وأن من ظلم بمصر أفلح وطالت مدته، وكانوا يطلبونهم إلى مصر أرض الفراعنة والظلم، فيفعلون معهم ما أرادوا.
وممن توفي فيها من الأعيان:
الشيخ الامام العلامة قطب الدين أبو بكر محمد بن الشيخ الامام أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن