آقوش بن عبد الله الأمير الكبير جمال الدين النجيبي أبو سعيد الصالحي، أعتقه الملك نجم الدين أيوب الكامل، وجعله من أكابر الامراء، وولاه أستاذ داريته، وكان يثق إليه ويعتمد عليه، وكان مولده في سنة تسع أو عشر وستمائة، وولاه الملك الظاهر أيضا أستاذ داريته، ثم استنابه بالشام تسع سنين، فاتخذ فيها المدرسة النجيبية ووقف عليها أوقافا دارة واسعة، لكن لم يقرر للمستحقين قدرا يناسب ما وقفه عليهم، ثم عزله السلطان واستدعاه لمصر فأقام بها مدة بطالا، ثم مرض بالفالج أربع سنين، وقد عاده في بعضها الملك الظاهر ولم يزل به حتى كانت وفاته ليلة الجمعة خامس شهر ربيع الآخر بالقاهرة بداره بدرب الملوخية، ودفن يوم الجمعة قبل الصلاة بتربته التي أنشأها بالقرافة الصغرى، وقد كان بنى لنفسه تربة بالنجيبية، وفتح لها شباكين إلى الطريق، فلم يقدر دفنه بها. وكان كثير الصدقة محبا للعلماء محسنا إليهم، حسن الاعتقاد. شافعي المذهب، متغاليا في السنة ومحبة الصحابة وبغض الروافض، ومن جملة أوقافه الحسان البستان والأراضي التي أوقفها على الجسورة التي قبلي جامع كريم الدين اليوم، وعلى ذلك أوقاف كثيرة، وجعل النظر في أوقافه لابن خلكان.
أيدكين بن عبد الله (1) الأمير الكبير علاء الدين الشهابي، واقف الخانقاه الشهابية، داخل باب الفرج. كان من كبار الامراء بدمشق، وقد ولاه الظاهر بحلب مدة، وكان من خيار الامراء وشجعانهم، وله حسن ظن بالفقراء والاحسان إليهم، ودفن بتربة الشيخ عمار الرومي بسفح قاسيون، في خامس عشر ربيع الأول، وهو في عشر الخمسين، وخانقاه داخل باب الفرج، وكان لها شباك إلى الطريق. والشهابي نسبة إلى الطواشي شهاب الدين رشيد الكبير الصالحي.
قاضي القضاة صدر الدين سليمان بن أبي العز ابن وهيب أبو الربيع الحنفي شيخ الحنفية في زمانه، وعالمهم شرقا وغربا، أقام بدمشق مدة يفتي ويدرس، ثم انتقل إلى الديار المصرية يدرس بالصالحية، ثم عاد إلى دمشق فدرس بالظاهرية، وولي القضاء بعد مجد الدين بن العديم ثلاثة أشهر، ثم كانت وفاته ليلة الجمعة سادس شعبان، ودفن في الغد بعد الصلاة بداره بسفح قاسيون، وله ثلاث وثمانون سنة، ومن لطيف شعره في مملوك تزوج جارية للملك المعظم:
يا صاحبي قفا لي وانظرا عجبا * أتى به الدهر فينا من عجائبه