الصدر جمال الدين يوسف بن علي بن مهاجر التكريتي أخو الصاحب تقي الدين توبة، ولي حسبة دمشق في وقت ودفن بتربة أخيه بالسفح، وكانت جنازته حافلة، وكان له عقل وافر وثروة ومروءة، وخلف ثلاث بنين: شمس الدين محمد، وعلاء الدين علي، وبدر الدين حسن.
ثم دخلت سنة خمس وتسعين وستمائة استهلت وخليفة الوقت الحاكم بأمر الله العباس أحمد العباسي، وسلطان البلاد الملك العادل زين الدين كتبغا، ونائبه بمصر الأمير حسام الدين لاجين السلحداري المنصوري، ووزيره فخر الدين بن الخليلي، وقضاة مصر والشام هم المذكورون في التي قبلها، ونائب الشام عز الدين الحموي، ووزيره تقي الدين توبة، وشاد الدواوين الأعسر، وخطيب البلد وقاضيها ابن جماعة.
وفي المحرم ولي نظر الأيتام برهان الدين بن هلال عوضا عن شرف الدين بن الشيرجي.
وفي مستهل هذه السنة كان الغلاء والفناء بديار مصر شديدا جدا، وقد تفانى الناس إلا القليل، وكانوا يحفرون الحفيرة فيدفنون فيها الفئام من الناس، والأسعار في غاية الغلاء، والأقوات في غاية القلة والغلاء، والموت عمال، فمات بها في شهر صفر مائة ألف ونحو من ثلاثين ألفا (1)، ووقع غلاء بالشام فبلغت الغرارة إلى مائتين (2)، وقدمت طائفة من التتر العويراتية (3) لما بلغهم سلطنة كتبغا إلى الشام لأنه منهم، فتلقاهم الجيش بالرحب والسعة، ثم سافروا إلى الديار المصرية مع الأمير قراسنقر المنصوري، وجاء الخبر باستداد الغلاء والفناء بمصر حتى قيل إنه بيع الفروج بالإسكندرية بستة وثلاثين درهما، وبالقاهرة بتسعة عشر، والبيض كل ثلاثة بدرهم، وأفنيت الحمر والخيل والبغال والكلاب من أكل الناس لها، ولم يبق شئ من هذه الحيوانات يلوح إلا أكلوه.
وفي يوم السبت الثاني عشر من جمادى الأولى ولي قضاء القضاة بمصر الشيخ العلامة تقي الدين بن دقيق العيد عوضا عن تقي الدين ابن بنت الأعز، ثم وقع الرخص بالديار المصرية وزال الضر والجوع في جمادى الآخرة ولله الحمد.