وممن توفي فيها من الأعيان:
أبو الحسن علي الملقب بالملك الأفضل نور الدين بن السلطان صلاح الدين بن يوسف بن أيوب، كان ولي عهد أبيه، وقد ملك دمشق بعده مدة سنتين ثم أخذها منه عمه العادل، ثم كان أن يملك الديار المصرية بعد أخيه العزيز فأخذها منه عمه العادل أبو بكر، ثم اقتصر على ملك صرخد فأخذها منه أيضا عمه العادل، ثم آل به الحال أن ملك سميساط وبها توفي في هذه السنة، وكان فاضلا شاعرا جيد الكتابة، ونقل إلى مدينة حلب فدفن بها بظاهرها. وقد ذكر ابن خلكان أنه كتب إلى الخليفة الناصر لدين الله يشكو إليه عمه أبا بكر وأخاه عثمان وكان الناصر شيعيا مثله:
مولاي إن أبا بكر وصاحبه * عثمان قد غصبا بالسيف حق علي وهو الذي كان قد ولاه والده * عليهما فاستقام الامر حين ولي فخالفاه وحلا عقد بيعته * والامر بينهما والنص فيه جلي فانظر إلى حظ هذا الاسم كيف لقي * من الأواخر ما لاقى من الأول الأمير سيف الدين علي ابن الأمير علم الدين بن سليمان بن جندر، كان من أكابر الامراء بحلب، وله الصدقات الكثيرة ووقف بها مدرستين إحداهما على الشافعية والأخرى على الحنفية، وبنى الخانات والقناطر وغير ذلك من سبل الخيرات والغزوات رحمه الله.
الشيخ علي الكردي الموله المقيم بظاهر باب الجابية، قال أبو شامة: وقد اختلفوا فيه فبعض الدماشقة يزعم أنه كان صاحب كرامات، وأنكر ذلك آخرون، وقالوا ما رآه أحد يصلي ولا يصوم ولا لبس مداسا، بل كان يدوس النجاسات ويدخل المسجد على حاله، وقال آخرون كان له تابع من الجن يتحدث على لسانه حكى السبط عن امرأة قالت جاء خبر بموت أمي باللاذقية أنها ماتت وقال لي بعضهم:
إنها لم تمت، قالت فمررت به وهو عند المقابر فوقفت عنده فرفع رأسه وقال لي: ماتت ماتت إيش تعملين؟ فكان كما قال. وحكى لي عبد الله صاحبي قال: صبحت يوما وما كان معي شئ فاجتزت به فدفع إلي نصف درهم وقال: يكفي هذا للخبز والفت بدبس، وقال: مر يوما على الخطيب جمال الدين الدولعي فقال له: يا شيخ علي، أكلت اليوم كسيرات يابسة وشربت عليها