وعما قليل أنت لا شك صائر * إلى مالك فانظر (1) إلى ما أنت قائل وكان يحفظ شيئا كثيرا من الحكايات والأمثال والملح، ويعرف العربية والتركية والعجمية والرومية والحبشية والزنجية، وكانت له يد طولى في نظم الشعر. فمن ذلك قوله:
ولو وقفت في لجة البحر قطرة * من المزن يوما ثم شاء لما زها ولو ملك الدنيا فأضحى ملوكها * عبيدا له في الشرق والغرب مازها وله في التجنيس:
أطلت ملامي في اجتنابي لمعشر * طغام لئام جودهم غير مرتجى حموا ما لهم والدين والعرض منهم * مباح، فما يخشون من عاب أو هجا إذا شرع الأجواد في الجود منهجا * لهم شرعوا في البخل سبعين منهجا وله مدائح حسنة وأشعار رائقة ومعان فائقة، وربما عرض شعر البحتري بما يقاربه ويدانيه، قالوا وكان الوجيه لا يغضب قط، فتراهن جماعة مع واحد أنه إن أغضبه كان له كذا وكذا، فجاء إليه فسأله عن مسألة في العربية فأجابه فيها بالجواب، فقال له السائل: أخطأت أيها الشيخ، فأعاد عليه الجواب بعبارة أخرى، فقال: كذبت وما أراك إلا قد نسيت النحو، فقال الوجيه: أيها الرجل فلعلك لم تفهم ما أقول لك، فقال بلى ولكنك تخطئ في الجواب، فقال له: فقل أنت ما عندك لنستفيد منك، فأغلظ له السائل في القول فتبسم ضاحكا وقال له: إن كنت راهنت فقد غلبت، وإنما مثلك مثل البعوضة - يعني الناموسة - سقطت على ظهر الفيل، فلما أرادت أن تطير قالت له استمسك فإني أحب أن أطير، فقال لها الفيل: ما أحسست بك حين سقطت، فما أحتاج أن أستمسك إذا طرت، كانت وفاته رحمه الله في شعبان منها ودفن بالوردية (2).
أبو محمد عبد العزيز بن أبي المعالي ابن غنيمة المعروف بابن منينا، ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة وسمع الكثير وأسمعه، توفي في ذي الحجة منها عن سبع وتسعين سنة.
الشيخ الفقه كمال الدين مودود ابن الشاغوري الشافعي كان يقرئ بالجامع الأموي الفقه وشرح التنبيه للطلبة، ويتأنى