حاشية الكامل صاحب مصر وصدوه عن دخول مكة، وقالوا إنما جئت لاخذ اليمن، فقال لهم قيدوني وذروني أقضي المناسك، فقالوا: ليس معنا مرسوم وإنما أمرنا بردك وصدك، فهم طائفة من الناس بقتالهم فخاف من وقوع فتنة فتحلل من حجه ورجع إلى الشام، وتأسف الناس على ما فعل به وتباكوا لما ودعهم، تقبل الله منه. وفيها وصل كتاب من بعض فقهاء الحنفية بخراسان إلى الشيخ تاج الدين أبو اليمن الكندي يخبر به أن السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش تنكر في ثلاثة نفر من أصحابه، ودخل بلاد التتر ليكشف أخبارهم بنفسه، فأنكروهم فقبضوا عليهم فضربوا منهم اثنين حتى ماتا ولم يقرا بما جاؤوا فيه واستوثقوا من الملك وصاحبه الآخر أسرا، فلما كان في بعض الليالي هربا ورجع السلطان إلى ملكه وهذه المرة غير نوبة أسره في المعركة مع مسعود الأمير.
وفيها ظهرت بلاطة وهم يحفرون في خندق حلب فوجد تحتها من الذهب خمسة وسبعون رطلا، ومن الفضة خمسة وعشرون بالرطل الحلبي.
وفيها توفي من الأعيان:
شيخ الحنفية مدرس مشهد أبي حنيفة ببغداد، الشيخ أبو الفضل أحمد بن مسعود بن علي الرساني، وكان إليه المظالم، ودفن بالمشهد المذكور.
والشيخ أبو الفضل بن إسماعيل ابن علي بن الحسين فخر الدين الحنبلي، يعرف بابن الماشطة، ويقال له الفخر غلام ابن المنى، له تعليقة في الخلاف وله حلقة بجامع الخليفة، وكان يلي النظر في قرايا الخليفة، ثم عزله فلزم بيته فقيرا لا شئ له إلى أن مات رحمه الله، وكان ولده محمد مدبرا شيطانا مريدا كثير الهجاء والسعاية بالناس إلى أولياء الامر بالباطل، فقطع لسانه وحبس إلى أن مات.
والوزير معز الدين أبو المعالي سعيد بن علي بن أحمد بن حديدة، من سلالة الصحابي قطبة بن عامر بن حديدة الأنصاري، ولي الوزارة للناصر في سنة أربع وثمانين، ثم عزله عن سفارة ابن مهدي فهرب إلى مراغة، ثم عاد بعد موت ابن مهدي فأقام ببغداد معظما محترما، وكان كثير الصدقات والاحسان إلى الناس إلى أن مات رحمه الله (1).