الشيخ الكبير المعمر الرحلة أبو القاسم أبو بكر أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري، سمع أباه وجد أبيه وغيرهما، وعنه ابن الصلاح وغيره، توفي بنيسابور في شعبان في هذه السنة عن خمس وثمانين سنة.
قاسم الدين التركماني العقيبي والد والي البلد، كانت وفاته في شوال منها والله أعلم.
ثم دخلت سنة تسع وستمائة فيها اجتمع العادل وأولاده الكامل والمعظم والفائز بدمياط من بلاد مصر في مقاتلة الفرنج فاغتنم غيبتهم سامة (1) الجبلي أحد أكابر الامراء، وكانت بيده قلعة عجلون وكوكب فسار مسرعا إلى دمشق ليستلم البلدين، فأرسل العادل في إثره ولده المعظم فسبقه إلى القدس وحمل عليه فرسم عليه في كنيسة صهيون، وكان شيخا كبيرا قد أصابه النقرس، فشرع يرده إلى الطاعة بالملاطفة فلم ينفع فيه فاستولى على حواصله وأملاكه وأمواله وأرسله إلى قلعة الكرك فاعتقله بها، وكان قيمة ما أخذه منه قريبا من ألف ألف دينار، من ذلك داره وحمامه داخل باب السلامة، وداره هي التي جعلها البادرائي مدرسة للشافعية، وخرب حصن كوكب ونقلت حواصله إلى حصن الطور الذي استجده العادل وولده المعظم. وفيها عزل الوزير ابن شكر واحتيط على أمواله ونفي إلى الشرق، وهو الذي كان قد كتب إلى الديار المصرية بنفي الحافظ عبد الغني منها بعد نفيه من الشام، فكتب أن ينفى إلى المغرب، فتوفي الحافظ عبد الغني رحمه الله قبل أن يصل الكتاب، وكتب الله عز وجل بنفي الوزير إلى الشرق محل الزلازل والفتن والشر، ونفاه عن الأرض المقدسة جزاء وفاقا. ولما استولى صاحب قبرص على مدينة أنطاكية حصل بسببه شر عظيم وتمكن من الغارات على بلاد المسلمين، لا سيما على التراكمين الذين حول أنطاكية، قتل منهم خلقا كثيرا وغنم من أغنامهم شيئا كثيرا، فقدر الله عز وجل أن أمكنهم منه في بعض الأودية فقتلوه وطافوا برأسه في تلك البلاد، ثم أرسلوا رأسه إلى الملك العادل إلى مصر فطيف به هنالك، وهو الذي أغار على بلاد مصر من ثغر دمياط مرتين فقتل وسبى وعجز عنه الملوك.
وفي ربيع الأول منها توفي الملك الأوحد.