أبو عبد الله محمد بن علي ابن محمد بن الجارود الماراني، الفقيه الشافعي، أحد الفضلاء، ولي القضاء بإربل وكان ظريفا خليعا، وكان من محاسن الأيام، وله أشعار رائقة ومعان فائقة منها قوله:
مشيب أتى وشباب رحل * أحل العناية حيث حل وذنبك جم، ألا فارجعي * وعودي فقد حان وقت الاجل وديني الاله ولا تقصري * ولا يخدعنك طول الامل أبو الثناء محمود بن رالي ابن علي بن يحيى الطائي الرقي نزيل إربل، وولي النظر بها للملك مظفر الدين، وكان شيخا أديبا فاضلا، ومن شعره قوله:
وأهيف ما الخطي إلا قوامه * وما الغصن إلا ما يثنيه لينه وما الدعص إلا ما تحمل خصره * وما النبل إلا ما تريش جفونه وما الخمر إلا ما يروق ثغره * وما السحر إلا ما تكن عيونه وما الحسن إلا كله فمن الذي * إذا ما رآه لا يزيد جنونه ابن معطي النحوي يحيى ترجمه أبو شامة في السنة الماضية، وهو أضبط لأنه شهد جنازته بمصر، وأما ابن الساعي فإنه ذكره في هذه السنة، وقال إنه كان حظيا عند الكامل محمد صاحب مصر، وإنه كان قد نظم أرجوزة في القراءات السبع، ونظم ألفاظ الجمهرة، وكان قد عزم على نظم صحاح الجوهري.
ثم دخلت سنة ثلاثين وستمائة فيها باشر خطابة بغداد ونقابة العباسيين العدل مجد الدين أبو القاسم هبة الله بن المنصوري، وخلع عليه خلعة سنية، وكان فاضلا قد صحب الفقراء والصوفية وتزهد برهة من الزمان، فلما دعي إلى هذا الامر أجاب سريعا وأقبلت عليه الدنيا بزهرتها، وخدمه الغلمان الأتراك، ولبس لباس المترفين وقد عاتبه بعض تلامذته بقصيدة طويلة، وعنفه على ما صار إليه، وسردها ابن الساعي بطولها في تاريخه. وفيها سار القاضي محيي الدين يوسف بن الشيخ جمال الدين أبي الفرج في الرسلية من الخليفة إلى الكامل صاحب مصر، ومعه كتاب هائل فيه تقليده الملك، وفيه أوامر كثيرة مليحة من إنشاء الوزير نصر الدين أحمد بن الناقد، سرده ابن الساعي أيضا