الشوبك، وكتبت بذلك مكاتيب، ووضع القضاة والمفتيون خطوطهم بذلك، وجاءت البريدية إلى الشام بالتحليف لهم على ما حلف عليه المصريون. ومسك الأمير أيدمر نائب الشام الظاهري واعتقل بالقلعة عند نائبها، وكان نائبها إذ ذاك علم الدين سنجر الدواداري، وأحيط على أموال نائب الشام وحواصله، وجاء على نيابة الشام الأمير شمس الدين سنقر الأشقر في أبهة عظيمة، وتحكم مكين، فنزل بدار السعادة وعظمه الناس وعاملوه معاملة الملوك، وعزل السلطان قضاة مصر الثلاثة الشافعي والحنفي والمالكي، وولوا القضاء صدر الدين عمر بن القاضي تاج الدين بن بنت الأعز عوضا عن الشافعي، وهو تقي الدين بن رزين وكأنهم إنما عزلوه لأنه توقف في خلع الملك السعيد والله أعلم.
بيعة الملك المنصور قلاوون الصالحي لما كان يوم الثلاثاء (1) الحادي والعشرين من رجب اجتمع الامراء بقلعة الجبل من مصر وخلعوا الملك العادل سلامش بن الظاهر، وأخرجوه من البين، وإنما كانوا قد بايعوه صورة ليسكن الشر عند خلع الملك السعيد، ثم اتفقوا على بيعة الملك المنصور قلاوون الصالحي، ولقبوه الملك المنصور، وجاءت البيعة إلى دمشق فوافق الامراء وحلفوا، وذكر أن الأمير شمس الدين سنقر الأشقر لم يحلف مع الناس ولم يرض بما وقع، وكأنه داخله حسد من المنصور، لأنه كان يرى أنه أعظم منه عند الظاهر. وخطب للمنصور على المنابر في الديار المصرية والشامية، وضربت السكة باسمه، وجرت الأمور بمقتضى رأيه فعزل وولى ونفذت مراسيمه في سائر البلاد بذلك، فعزل عن الوزارة (2) برهان الدين السنجاري وولى مكانه فخر الدين بن لقمان كاتب السر، وصاحب ديوان الانشاء بالديار المصرية.
وفي يوم الخميس الحادي عشر من ذي القعدة من هذه السنة توفي الملك السعيد بن الملك الظاهر بالكرك وسيأتي ذكر ترجمته إن شاء الله تعالى. وفيها حمل الأمير أيدمر الذي كان نائب الشام في محفة لمرض لحقه إلى الديار المصرية، فدخلها في أواخر ذي القعدة، واعتقل بقلعة مصر.
سلطنة سنقر الأشقر بدمشق لما كان يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي القعدة ركب الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من دار السعادة بعد صلاة العصر وبين يديه جماعة من الامراء والجند مشاة، وقصد باب القلعة