أحد، وكان الخليفة يود لو حضر عنده فيكرمه، وكان يأبى من ذلك ويمتنع عنه أشد الامتناع، ولم يفد إلى أحد قط ولا ذل لخليفة ولا ملك، وكتب إليه الخليفة مرة يستدعيه فكتب إليه:
ولي كف ضرغام أذل ببطشها * وأشرى بها بين الورى وأبيع تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها * وفي بطنها (1) للمجد بين ربيع أأجعلها تحت الرحى ثم أبتغي * خلاصا لها؟ إني إذا لرقيع وما أنا إلا المسك في كل بقعة (2) * يضوع وأما عندكم فيضيع وقد بلغ من السنين سبعين سنة، وقد ذكر ابن الأثير وفاته في سنة ثماني عشرة فالله أعلم.
وفيها توفي من الأعيان:
الملك الفائز غياث الدين إبراهيم بن العادل، كان قد انتظم له الامر في الملك بعد أبيه على الديار المصرية على يدي الأمير عماد الدين بن المشطوب، لولا أن الكامل تدارك ذلك سريعا، ثم أرسله أخوه في هذه السنة إلى أخيهما الأشرف موسى يستحثه في سرعة المسير إليهم بسبب الفرنج، فمات بين سنجاب والموصل، وقد ذكر أنه سم فرد إلى سنجاب فدفن بها رحمه الله تعالى.
شيخ الشيوخ صدر الدين أبو الحسن محمد بن شيخ الشيوخ عماد الدين محمود بن حمويه الجويني، من بيت رياسة وإمرة عند بني أيوب، وقد كان صدر الدين هذا فقيها فاضلا، درس بتربة الشافعي بمصر، وبمشهد الحسين وولي مشيخة سعيد السعداء والنظر فيها، وكانت له حرمة وافرة عند الملوك، أرسله الكامل إلى الخليفة يستنصره على الفرنج فمات بالموصل بالاسهال، ودفن بها عند قضيب ألبان عن ثلاث وسبعين سنة.
صاحب حماه الملك المنصور محمد بن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وكان فاضلا له تاريخ في عشر مجلدات سماه المضمار، وكان شجاعا فارسا، فقام بالملك بعده ولده الناصر قليج أرسلان، ثم عزله عنها الكامل وحبسه حتى مات رحمه الله تعالى وولى أخاه المظفر بن المنصور.