كان قد بناها ودكها إلى الأرض. وفي شعبان منها هدمت القنطرة الرومانية عند الباب الشرقي، ونشرت حجارتها ليبلط بها الجامع الأموي بسفارة الوزير صفي الدين بن شكر، وزير العادل، وكمل تبليطه في سنة أربع وستمائة.
وفيها توفي من الأعيان:
شرف الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي جمال الاسلام الشهرزوري، بمدينة حمص، وقد كان أخرج إليها من دمشق، وكان قبل ذلك مدرسا بالأمينية والحلقة بالجامع تجاه البرادة، وكان لديه علم جيد بالمذهب والخلاف.
التقي عيسى بن يوسف ابن أحمد العراقي الضرير، مدرس الأمينية أيضا، كان يسكن المنارة الغربية، وكان عنده شاب يخدمه ويقود به فعدم للشيخ دراهم فاتهم هذا الشاب بها فلم يثبت له عنده شيئا، واتهم الشيخ عيسى هذا بأنه يلوط به، ولم يكن يظن الناس أن عنده من المال شئ، فضاع المال واتهم عرضه، فأصبح يوم الجمعة السابع من ذي القعدة مشنوقا ببيته بالمأذنة الغربية، فامتنع الناس من الصلاة عليه لكونه قتل نفسه، فتقدم الشيخ فخر الدين عبد الرحمن بن عساكر فصلى عليه، فائتم به بعض الناس قال أبو شامة: وإنما حمله على ما فعله ذهاب ماله والوقوع في عرضه، قال وقد جرى لي أخت هذه القضية فعصمني الله سبحانه بفضله، قال وقد درس بعده في الأمينية الجمال المصري وكيل بيت المال.
أبو الغنائم المركيسهلار البغدادي كان يخدم مع عز الدين نجاح السراي، وحصل أموالا جزيلة، كان كلما تهيأ له مال اشترى به ملكا وكتبه باسم صاحب له يعتمد عليه، فلما حضرته الوفاة أوصى ذلك الرجل أن يتولى أولاده وينفق عليهم من ميراثه مما تركه لهم، فمرض الموصى إليه بعد قليل فاستدعى الشهود ليشهدهم على نفسه أن ما في يده لورثة أبي الغنائم، فتمادى ورثته بإحضار الشهود وطولوا عليه وأخذته سكتة فمات فاستولى ورثته على تلك الأموال والأملاك، ولم يقضوا أولاد أبي الغنائم منها شيئا مما ترك لهم.