وممن قتل مع الخليفة واقف الجوزية بدمشق أستاذ دار الخلافة محيي الدين يوسف بن الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله بن حماد بن أحمد بن جعفر بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي، ولد في ذي القعدة سنة ثمانين وخمسمائة، ونشأ شابا حسنا، وحين توفي أبوه وعظ في موضعه فأحسن وأجاد وأفاد، ثم لم يزل متقدما في مناصب الدنيا، فولي حسبة بغداد مع الوعظ الفائق والاشعار الحسنة، ثم ولي تدريس الحنابلة بالمستنصرية سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وكانت له تداريس أخر، ولي أستاذ دار الخلافة، وكان رسولا للملوك من بني أيوب وغيرهم من جهة الخلفاء، وانتصب ابنه عبد الرحمن مكانه للحسبة والوعظ، ثم كانت الحسبة تتنقل في بنيه الثلاثة عبد الرحمن، وعبد الله، وعبد الكريم. وقد قتلوا معه في هذه السنة رحمهم الله. ولمحيي الدين هذا مصنف في مذهب أحمد، وقد ذكر له ابن الساعي أشعارا حسنة يهنئ بها الخليفة في المواسم والأعياد، تدل على فضيلة وفصاحة، وقد وقف الجوزية بدمشق وهي من أحسن المدارس، تقبل الله منه.
الصرصري المادح رحمه الله يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور بن المعمر عبد السلام الشيخ الامام العلامة البارع الفاضل في أنواع من العلوم، جمال الدين أبو زكريا الصرصري (1)، الفاضل المادح الحنبلي الضرير البغدادي، معظم شعره في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وديوانه في ذلك مشهور معروف غير منكر، ويقال إنه كان يحفظ صحاح الجوهري بتمامه في اللغة. وصحب الشيخ علي بن إدريس تلميذ الشيخ عبد القادر، وكان ذكيا يتوقد نورا، وكان ينظم على البديهة سريعا أشياء حسنة فصيحة بليغة، وقد نظم الكافي الذي ألفه موفق الدين بن قدامة، ومختصر الخرقي، وأما مدائحه في رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقال إنها تبلغ عشرين مجلدا، وما اشتهر عنه أنه مدح أحدا من المخلوقين من بني آدم إلا الأنبياء، ولما دخل التتار إلى بغداد دعي إلى ذارئها كرمون بن هلاكو فأبى أن يجيب إليه، وأعد في داره حجارة فحين دخل عليه التتار رماهم بتلك الأحجار فهشم منهم جماعة، فلما خلصوا إليه قتل بعكازه أحدهم (2)، ثم قتلوه شهيدا رحمه الله تعالى، وله من العمر ثمان وستون سنة.
وقد أورد له قطب الدين اليونيني من ديوانه قطعة صالحة في ترجمته في الذيل، استوعب حروف المعجم، وذكر غير ذلك قصائد طوالا كثيرة حسنة.