عنهما، وكوتب العادل في الصلح فأرسل يجيب إلى ما سألا وزاد في إقطاعهما شيئا من بلاد الجزيزة (1)، وبعض معاملة المعرة. وتفرقت العساكر عن دمشق في محرم سنة ثمان وتسعين، وسار كل منهما إلى ما تسلم من البلاد التي أقطعها، وجرت خطوب يطول شرحها، وقد كان الظاهر وأخوه كتبا إلى صاحب الموصل نور الدين أرسلان الأتابكي أن يحاصر مدن الجزيرة التي مع عمهما العادل، فركب في جيشه وأرسل إلى ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار، واجتمع معهما صاحب ماردين الذي كان العادل قد حاصره وضيق عليه مدة طويلة، فقصدت العساكر حران، وبها الفائز بن العادل، فحاصروه مدة، ثم لما بلغهم وقوع الصلح عدلوا إلى المصالحة، وذلك بعد طلب الفائز ذلك منهم، وتمهدت الأمور واستقرت على ما كانت عليه.
وفيها ملك غياث الدين وأخوه شهاب الدين الغوريان جميع ما كان يملك خوارزم شاه من البلدان والحواصل والأموال، وجرت لهم خطوب طويلة جدا. وفيها كانت زلزلة عظيمة ابتدأت من بلاد الشام إلى الجزيرة وبلاد الروم والعراق، وكان جمهورها وعظمها بالشام تهدمت منها دور كثيرة، وتخربت محال كثيرة، وخسف بقرية من أرض بصرى، وأما سواحل الشام وغيرها فهلك فيها شئ كثير، وأخربت محال كثيرة من طرابلس وصور وعكا ونابلس، ولم يبق بنابلس سوى حارة السامرة ومات بها وبقراها ثلاثون ألفا تحت الردم، وسقط طائفة كثيرة من المنارة الشرقية بدمشق بجامعها، وأربع عشرة شرافة منه، وغالب الكلاسة والمارستان النوري، وخرج الناس إلى الميادين يستغيثون وسقط غالب قلعة بعلبك مع وثاقة بنيانها، وانفرق البحر إلى قبرص وقد حذف بالمراكب منه إلى ساحله، وتعدى إلى ناحية الشرق فسقط بسبب ذلك دور كثيرة، ومات أمم لا يحصون ولا يعدون حتى قال صاحب مرآة الزمان: إنه مات في هذه السنة بسبب الزلزلة نحو من ألف ألف ومائة ألف إنسان قتلا تحتها، وقيل إن أحدا لم يحص من مات فيها والله سبحانه أعلم.
وفيها توفي من الأعيان:
عبد الرحمن بن علي ابن محمد بن علي [بن عبيد الله] (2) بن عبد الله بن حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي - نسبة إلى فرضة نهر البصرة - ابن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن