الأمير بنيامين بن عبد الله (1) أحد أمراء الخليفة الناصر، كان من سادات الامراء عقلا وعفة ونزاهة، سقاه بعض الكتاب من النصارى سما فمات. وكان اسم الذي سقاه ابن ساوا، فسلمه الخليفة إلى غلمان بنيامين فشفع فيه ابن مهدي الوزير وقال: إن النصارى قد بذلوا فيه خمسين ألف دينار، فكتب الخليفة على رأس الورقة:
إن الأسود أسود الغاب همتها * يوم الكريهة في المسلوب لا السلب فتسلمه غلمان بنيامين فقتلوه وحرقوه، وقبض الخليفة بعد ذلك على الوزير ابن مهدي كما تقدم.
حنبل بن عبد الله ابن الفرج بن سعادة الرصافي الحنبلي، المكبر بجامع المهدي، راوي مسند أحمد عن ابن الحصين عن ابن المذهب عن أبي مالك عن عبد الله عن أبيه، عمر تسعين سنة وخرج من بغداد فأسمعه بإربل، واستقدمه ملوك دمشق إليها فسمع الناس بها عليه المسند، وكان المعظم يكرمه ويأكل عنده على السماط من الطيبات، فتضيبه التخمة كثيرا، لأنه كان فقيرا ضيق الأمعاء من قلة الاكل، خشن العيش ببغداد، وكان الكندي إذا دخل على المعظم يسأل عن حنبل فيقول المعظم هو متخوم، فيقول أطعمه العدس فيضحك المعظم، ثم أعطاه المعظم ما لا جزيلا ورده إلى بغداد فتوفي بها، وكان مولده سنة عشر وخمسمائة، وكان معه ابن طبرزد، فتأخرت وفاته عنه إلى سنة سبع وستمائة.
عبد الرحمن بن عيسى ابن أبي الحسن المروزي (2) الواعظ البغدادي، سمع من ابن أبي الوقت وغيره، واشتغل على ابن الجوزي بالوعظ، ثم حدثته نفسه بمضاهاته وشمخت نفسه، واجتمع عليه طائفة من أهل باب النصيرة ثم تزوج في آخر عمره وقد قارب السبعين، فاغتسل في يوم بارد فانتفخ ذكره فمات في هذه السنة.