الخوارزمية إلى أذربيجان فكسروهم وقتلوا منهم خلقا كثيرا، فهربوا منهم إلى تبريز فلحقوهم وكتبوا إلى ابن البهلوان: إن كنت مصالحا لنا فابعث لنا بالخوارزمية وإلا فأنت مثلهم، فقتل منهم خلقا وأرسل برؤوسهم إليهم، مع تحف وهدايا كثيرة، هذا كله وإنما كانت هذه السرية ثلاثة آلاف والخوارزمية وأصحاب البهلوان أضعاف أضعافهم، ولكن الله تعالى ألقى عليهم الخذلان والفشل، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفيها ملك غياث الدين بن خوارزم شاه بلاد فارس مع ما في يده من مملكة أصفهان وهمذان وفيها استعاد الملك الأشرف مدينة خلاط من أخيه شهاب الدين غازي، وكان قد جعلها إليه مع جميع بلاد أرمينية وميافارقين وجاي وجبل حور (1)، وجعله ولي عهده من بعده، فلما عصي عليه وتشغب دماغه بما كتب إليه المعظم من تحسينه له مخالفته، فركب إليه وحاصره بخلاط فسلمت إليه وامتنع أخوه في القلعة، فلما كان الليل نزل إلى أخيه معتذرا فقبل عذره ولم يعاقبه بل أقره على ميافارقين وحدها، وكان صاحب إربل والمعظم متفقين مع الشهاب غازي على الأشرف، فكتب الكامل إلى المعظم يتهدده لئن ساعد على الأشرف ليأخذنه وبلاده، وكان بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل مع الأشرف، فركب إليه صاحب إربل فحاصره بسبب قلة جنده لأنه أرسلهم إلى الأشرف حين نازل خلاط، فلما انفصلت الأمور على ما ذكرنا ندم صاحب إربل، والمعظم بدمشق أيضا.
وفيها أرسل المعظم ولده الناصر داود إلى صاحب إربل يقويه على مخالفة الأشرف، وأرسل صوفيا من الشميساطية يقال له الملق إلى جلال الدين بن خوارزم شاه - وكان قد أخذ أذربيجان في هذه السنة وقوي جأشه - يتفق معه على أخيه الأشرف، فوعده النصر والرفادة. وفيها قدم الملك مسعود أقسيس ملك اليمن على أبيه الكامل بالديار المصرية ومعه شئ كثير من الهدايا والتحف، من ذلك مائتا خادم وثلاثة أفيلة هائلة، وأحمال عود وند ومسك وعنبر، وخرج أبوه الكامل لتلقيه ومن نية أقسيس أن ينزع الشام من يد عمه المعظم. وفيها كمل عمارة دار الحديث الكاملية بمصر (2)، وولى مشيختها الحافظ أبو الخطاب ابن دحية الكلبي، وكان مكثارا كثير الفنون، وعنده فوائد وعجائب رحمه الله.
وممن توفي فيها من الأعيان:
أحمد بن محمد ابن علي القادسي الضرير الحنبلي، والد صاحب الذيل على تاريخ ابن الجوزي، وكان