جانب النيل من الناحية الأخرى رحمه الله تعالى ورحم أسلافه بمنه وكرمه.
المعز عز الدين أيبك التركماني يملك مصر بعد بني أيوب لما قتل الامراء البحرية وغيرهم من الصالحية ابن أستاذهم المعظم غياث الدين توران شاه بن الصالح أيوب بن الكامل بن العادل أبي بكر بن نجم الدين أيوب، وكان ملكه بعد أبيه بشهرين كما تقدم بيانه، ولما انفصل أمره بالقتل نادوا فيما بينهم لا بأس لا بأس، واستدعوا من بينهم الأمير عز الدين أيبك التركماني، فملكوه عليهم وبايعوه ولقبوه بالملك المعز، وركبوا إلى القاهرة، ثم بعد خمسة (1) أيام أقاموا لهو صبيا من أيوب ابن عشر سنين (2) وهو الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن الناصر يوسف بن المسعود إقسيس بن الكامل، وجعلوا المعز أتابكه فكانت السكة والخطبة بينهما، وكاتبوا أمراء الشام بذلك، فما تم لهم الامر بالشام، بل خرج عن أيديهم ولم تستقر لهم المملكة إلا على الديار المصرية، وكل ذلك عن أمر الخاتون شجرة الدر أم خليل حظية الصالح أيوب، فتزوجت بالمعز، وكانت الخطبة والسكة لها، يدعى لها على المنابر أيام الجمع بمصر وأعمالها، وكذا تضرب السكة باسمها أم خليل (3)، والعلامة على المناشير والتواقيع بخطها واسمها، مدة ثلاثة أشهر قبل المعز، ثم آل أمرها إلى ما سنذكره من الهوان والقتل.
الناصر بن العزيز بن الظاهر صاحب حلب يملك دمشق لما وقع بالديار المصرية من قتل الامراء للمعظم توران شاه بن الصالح أيوب ركب الحلبيون معهم ابن أستاذهم الناصر يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازي بن الناصر يوسف فاتح بيت المقدس، ومن كان عندهم من ملوك بني أيوب منهم الصالح إسماعيل بن العادل، وكان أحق الموجودين بالملك، من حيث السن والتعدد والحرمة والرياسة، ومنهم الناصر داود بن المعظم بن العادل، والأشرف موسى بن المنصور إبراهيم بن أسد الدين شيركوه، الذي كان صاحب حمص