فإن يك خالصا فله جزاء * وإن يك مالقا فإلى ضياع وله أيضا:
إليك اعتذاري من صلاتي قاعدا * وعجزي عن سعي إلى الجمعات وتركي صلاة الفرض في كل مسجد * تجمع فيه الناس للصلوات فيا رب لا تمقت صلاتي ونجني * من النار واصفح لي عن الهفوات توفي ضحى نهار الأربعاء ثاني ربيع الآخر (1) من هذه السنة، عن خمس وتسعين سنة، وحضر جنازته خلق كثير، ودفن عند والده الشيخ شمس الدين أحمد بن عبد الواحد بسفح قاسيون.
الشيخ تاج الدين الفزاري عبد الرحمن (2) بن سباع بن ضياء الدين أبو محمد الفزاري، الامام العلامة العالم، شيخ الشافعية في زمانه، حاز قصب السبق دون أقرانه، وهو والد شيخنا العلامة برهان الدين. كان مولد الشيخ تاج الدين في سنة ثلاثين (3) وستمائة، وتوفي ضحى الاثنين خامس جمادى الآخرة، بالمدرسة البادرائية وصلي عليه بعد الظهر بالأموي، تقدم للصلاة عليه قاضي القضاة شهاب الدين بن الخوي، ثم صلي عليه عند جامع جراح الشيخ زين الدين الفارقي، ودفن عند والده بباب الصغير، وكان يوما شديد الزحام. وقد كان ممن اجتمع فيه فنون كثيرة من العلوم النافعة، والأخلاق اللطيفة، فصاحة المنطق، وحسن التصنيف، وعلو الهمة، وفقه النفس، وكتابه الأقليد الذي جمع على أبواب التنبيه وصل فيه إلى باب الغصب، دليل على فقه نفسه وعلو قدره، وقوة همته ونفوذ نظره، واتصافه بالاجتهاد الصحيح في غالب ما سطره، وقد انتفع به الناس، وهو شيخ أكابر مشايخنا هو ومحيي الدين النووي، وله اختصار الموضوعات لابن الجوزي، وهو عندي بخطه، وقد سمع الحديث الكثير وحضر عند ابن الزبيدي صحيح البخاري، وسمع من ابن الليثي (4) وابن الصلاح واشتغل عليه، وعلى ابن عبد السلام وانتفع بهما، وخرج له الحافظ علم الدين البرزالي أحد تلاميذه مشيخة في عشرة أجزاء عن مائة شيخ فسمعها عليه الأعيان: وله شعر جيد فمنه:
لله أيام جمع الشمل ما برحت * بها الحوادث حتى أصبحت سمرا