الذي كان مستحثا على عمارة الشامية البرانية لمولاته ست الشام، وهو الذي بنى الشبلية للحنفية والخانقاه على الصوفية إلى جانبها، وكانت منزله، ووقف القناة والمصنع والساباط، وفتح للناس طريقا من عند المقبرة غربي الشامية البرانية إلى طريق عين الكرش، ولم يكن الناس لهم طريق إلى الجبل من هناك، إنما كانوا يسلكون من عند مسجد الصفي بالعقبية، وكانت وفاته في رجب ودفن إلى جانب مدرسته، وقد سمع الحديث على الكندي وغيره رحمه الله تعالى.
واقف الرواحية بدمشق وحلب أبو القاسم هبة الله المعروف بابن رواحة، كان أحد التجار، وفي الثروة والمقدار ومن المعدلين بدمشق، وكان في غاية الطول والعرض ولا لحية له، وقد ابتنى المدرسة الرواحية داخل باب الفراديس ووقفها على الشافعية، وفوض نظرها وتدريسها إلى الشيخ تقي الدين بن الصلاح الشهرزوري، وله بحلب مدرسة أخرى مثلها، وقد انقطع في آخر عمره في المدرسة التي بدمشق وكان يسكن البيت الذي في إيوانها من الشرق، ورغب فيما بعد أن يدفن فيه إذا مات فلم يمكن من ذلك، بل دفن بمقابر الصوفية، وبعد وفاته شهد محيي الدين ابن عربي الطائي الصوفي، وتقي الدين خزعل النحوي المصري ثم المقدسي إمام مشهد علي شهدا على ابن رواحة بأنه عزل الشيخ تقي الدين عن هذه المدرسة، فجرت خطوب طويلة ولم ينتظم ما راماه من الامر، ومات خزعل في هذه السنة أيضا فبطل ما سلكوه.
أبو محمد محمود بن مودود بن محمود البلدجي الحنفي الموصلي، وله بها مدرسة تعرف به، وكان من أبناء الترك، وصار من مشايخ العلماء وله دين متين وشعر حسن جيد، فمنه قوله:
من ادعى أن له حالة * تخرجه عن منهج الشرع فلا تكونن له صاحبا * فإنه خرء بلا فع كانت وفاته بالموصل في السادس والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة، وله نحو من ثمانين سنة.
ياقوت ويقال له يعقوب بن عبد الله نجيب الدين متولي الشيخ تاج الدين الكندي، وقد وقف إليه الكتب التي بالخزانة بالزاوية الشرقية الشمالية من جامع دمشق، وكانت سبعمائة وإحدى وستين مجلدا، ثم على ولده من بعده