وفي سابع عشر صفر خرج الامراء بدمشق على ملكها علم الدين سنجر فقاتلوه فهزموه، فدخل القلعة فحاصروه فيها فهرب منها إلى قلعة بعلبك، وتسلم قلعة دمشق الأمير علم الدين أيدكين البندقداري، وكان مملوكا لجمال الدين يغمور ثم للصالح أيوب بن الكامل وإليه ينسب الملك الظاهر، فأرسله الظاهر ليتسلم دمشق من الحلبي علم الدين سنجر، فأخذها وسكن قلعتها نيابة عن الظاهر، ثم حاصروا الحلبي ببعلبك حتى أخذوه فأرسلوه إلى الظاهر على بغل إلى مصر، فدخل عليه ليلا فعاتبه ثم أطلق له أشياء وأكرمه.
وفي يوم الاثنين ثامن ربيع الأول استوزر الظاهر بهاء الدين علي بن محمد المعروف بابن الحنا وفي ربيع الآخر قبض الظاهر على جماعة من الامراء بلغه عنهم أنهم يريدون الوثوب عليه وفيه أرسل إلى الشوبك فتسلمها من أيدي نواب المغيث صاحب الكرك، وفيها جهز الظاهر جيشا إلى حلب ليطردوا التتار عنها، فلما وصل الجيش إلى غزة كتب الفرنج إلى التتار ينذرونهم، فرحلوا عنها مسرعين واستولى على حلب جماعة من أهلها، فصادروا ونهبوا وبلغوا أغراضهم، وقدم إليهم الجيش الظاهري فأزالوا ذلك كله، وصادروا أهلها بألف ألف وستمائة ألف، ثم قدم الأمير شمس الدين آقوش التركي من جهة الظاهر فاستلم البلد فقطع ووصل وحكم وعدل.
وفي يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى باشر القضاء بمصر تاج الدين عبد الوهاب بن القاضي الأعز أبي القاسم خلف بن رشيد الدين بن أبي الثناء محمود بن بدر العلائي، وذلك بعد شروط ذكرها للظاهر شديدة، فدخل تحتها الملك الظاهر وعزل عن القضاء بدر الدين أبو المحاسن يوسف بن علي السنجاري (1) ورسم عليه أياما، ثم أفرج عنه.
البيعة بالخلافة للمستنصر بالله أبي القاسم أحمد بن أمير المؤمنين الظاهر وكان معتقلا ببغداد فأطلق، وكان مع جماعة الاعراب بأرض العراق، ثم قصد الظاهر حين بلغه ملكه، فقدم مصر صحبة جماعة من أمراء الاعراب عشرة، منهم الأمير ناصر الدين مهنا في ثامن رجب، فخرج السلطان ومعه الوزير والشهود والمؤذنون فتلقوه (2) وكان يوما مشهودا، وخرج أهل التوراة بتوراتهم، والنصارى بإنجيلهم، ودخل من باب النصر في أبهة عظيمة، فلما كان يوم الاثنين ثالث عشر رجب جلس السلطان والخليفة بالايوان بقلعة الجبل، والوزير والقاضي والامراء على طبقاتهم، وأثبت نسب الخليفة المذكور على الحاكم تاج الدين بن الأعز (3)، وهذا