السلطان طغرلبك، وأرسل رأسه إلى الخليفة، فعلق على باب النوبة عدة أيام، وأرسل الخليفة الخلع والتقاليد إلى السلطان خوارزم شاه، وملك همدان وغيرها من البلاد المتسعة.
وفيها نقم الخليفة على الشيخ أبي الفرج بن الجوزي وغضب عليه، ونفاه إلى واسط، فمكث بها خمسة أيام لم يأكل طعاما، وأقام بها خمسة أعوام يخدم نفسه ويستقي لنفسه الماء، وكان شيخا كبيرا قد بلغ ثمانين سنة، وكان يتلو في كل يوم وليلة ختمة. قال: ولم أقرأ يوسف لوجدي على ولدي يوسف، إلى أن فرج الله كما سيأتي إن شاء الله.
وفيها توفي من الأعيان:
أحمد بن إسماعيل بن يوسف أبو الخير القزويني الشافعي المفسر، قد بغداد ووعظ بالنظامية، وكان يذهب إلى قول الأشعري في الأصول، وجلس في يوم عاشوراء فقيل له: العن يزيد بن معاوية، فقال: ذاك إمام مجتهد، فرماه الناس بالآجر فاختفى ثم هرب إلى قزوين.
ابن الشاطبي ناظم لشاطبية أبو [محمد] (1) القاسم بن فيرة (2) بن أبي القاسم خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير، مصنف الشاطبية في القراءات السبع، فلم يسبق إليها ولا يلحق فيها، وفيها من الرموز كنوز لا يهتدي إليها إلا كل ناقد بصير، هذا مع أنه ضرير ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، وبلده شاطبة - قرية شرقي الأندلس - كان فقيرا، وقد أريد إن يلي خطابة بلدة فامتنع من ذلك لأجل مبالغة الخطباء على المنابر في وصف الملوك، خرج الشاطبي إلى الحج فقدم الإسكندرية سنة ثنتين وسبعين وخمسمائة، وسمع على السلفي وولاة القاضي الفاضل مشيخة الأقراء بمدرسته، وزار القدس وصام به شهر رمضان، ثم رجع إلى القاهرة، فكانت وفاته بها في جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن بالقرافة بالقرب من التربة الفاضلية، وكان دينا خاشعا ناسكا كثير الوقار، لا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان يتمثل كثيرا بهذه الأبيات، وهي لغز في النعش، وهي لغيره: (3).
أتعرف شيئا في السماء يطير * إذا سار هاج الناس حيث يسير فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا * وكل أمير يعتليه أسير