والعشرين (1) من ذي القعدة صلى السلطان الملك العادل كتبغا بمقصورة الخطابة، وعن يمينه صاحب حماة، وتحته بدر الدين أمير سلاح، وعن يساره أولاد الحريري حسن أخواه، وتحتهم نائب المملكة حسام الدين لاجين، وإلى جانبه نائب الشام عز الدين الحموي، وتحته بدر الدين بيسرى، وتحته قراسنقر وإلى جانبه الحاج بهادر، وخلفهم أمراء كبار، وخلع على الخطيب بدر الدين بن جماعة خلعة سنية. ولما قضيت الصلاة سلم على السلطان وزار السلطان المصحف العثماني. ثم أصبح يوم السبت فلعب الكرة بالميدان.
وفي يوم الاثنين ثاني ذي الحجة عزل الأمير عز الدين الحموي عن نيابة الشام وعاتبه السلطان عتابا كثيرا على أشياء صدرت منه، ثم عفا عنه وأمره بالمسير معه إلى مصر، واستناب الشام الأمير سيف الدين غرلو العادلي، وخلع على المولى وعلى المعزول، وحضر السلطان دار العدل وحضر عنده الوزير القضاة والامراء، وكان عادلا كما سمي، ثم سافر السلطان في ثاني عشر ذي الحجة نحو بلاد حلب فاجتاز على حرستا، ثم أقام بالبرية أياما ثم عاد فنزل حمص، وجاء إليه نواب البلاد وجلس الأمير غرلو نائب دمشق بدار العدل فحكم وعدل، وكان محمود السيرة سديد الحكم رحمه الله تعالى.
وممن توفي فيها من الأعيان:
الشيخ زين الدين بن منجى الامام العالم العلامة مفتي المسلمين، الصدر الكامل، زين الدين أبو البركات بن المنجى ابن الصدر عز الدين أبي عمر عثمان بن أسعد بن المنجى بن بركات بن المتوكل التنوخي، شيخ الحنابلة وعالمهم، ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وسمع الحديث وتفقه، فبرع في فنون من العلم كثيرة من الأصول والفروع والعربية والتفسير وغير ذلك، وانتهت إليه رياسة المذهب، وصنف في الأصول، وشرح المقنع، وله تعاليق في التفسير، وكان قد جمع له بين حسن السمت والديانة والعلم والوجاهة وصحة الذهن والعقيدة والمناظرة وكثرة الصدقة، ولم يزل يواظب على الجامع للاشتغال متبرعا حتى توفي في يوم الخميس رابع شعبان، وتوفيت معه زوجته أم محمد ست البها بنت صدر الدين الخجندي، وصلي عليهما بعد الجمعة بجامع دمشق، وحملا جميعا إلى سفح قاسيون شمالي الجامع المظفري تحت الروضة فدفنا في تربة واحدة رحمهما الله تعالى. وهو والد قاضي القضاة علاء الدين، وكان شيخ المسمارية ثم وليها بعده ولداه شرف الدين وعلاء الدين، وكان شيخ الحنبلية فدرس بها بعده الشيخ تقي الدين بن تيمية كما ذكرنا ذلك في الحوادث.