تقدم، وجزيرة ابن عمر، قيل إنها منسوبة إلى رجل يقال له عبد العزيز بن عمر، من أهل برقعيد، وقيل بل هي منسوبة إلى ابني عمر، وهما أوس وكامل ابنا عمر بن أوس.
ابن المستوفي الأربلي مبارك بن أحمد بن مبارك بن موهوب بن غنيمة بن غالب العلامة شرف الدين أبو البركات اللخمي الأربلي، كان إماما في علوم كثيرة كالحديث وأسماء الرجال والأدب والحساب، وله مصنفات كثيرة وفضائل غزيرة، وقد بسط ترجمته القاضي شمس الدين ابن خلكان في الوفيات، فأجاد وأفاد. رحمهم الله (1).
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وستمائة فيها كمل بناء المدرسة المستنصرية ببغداد ولم يبن مدرسة قبلها مثلها، ووقفت على المذاهب الأربعة من كل طائفة اثنان وستون فقيها، وأربعة معيدين، ومدرس لكل مذهب، وشيخ حديث وقارئان وعشرة مستمعين، وشيخ طب، وعشرة من المسلمين يشتغلون بعلم الطب، ومكتب للأيتام وقدر للجميع من الخبز واللحم والحلوى والنفقة ما فيه كفاية وافرة لكل واحد. ولما كان يوم الخميس خامس رجب حضرت الدروس بها وحضر الخليفة المستنصر بالله بنفسه الكريمة وأهل دولته من الامراء والوزراء والقضاة والفقهاء والصوفية والشعراء، ولم يتخلف أحد من هؤلاء، وعمل سماط عظيم بها أكل منه الحاضرون، وحمل منه إلى سائر دروب بغداد من بيوتات الخواص والعوام، وخلع على جميع المدرسين بها والحاضرين فيها، وعلى جميع الدولة والفقهاء والمعيدين، وكان يوما مشهودا، وأنشدت الشعراء الخليفة المدائح الرائقة والقصائد الفائقة، وقد ذكر ذلك ابن الساعي في تاريخه مطولا مبسوطا شافيا كافيا، وقدر لتدريس الشافعية بها الامام محيي الدين أبو عبد الله بن فضلان، وللحنفية الامام العلامة رشيد الدين أبو حفص عمر بن محمد الفرغاني، وللحنابلة الامام العالم محيي الدين يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، ودرس عنه يومئذ ابنه عبد الرحمن نيابة لغيبته في بعض الرسالات إلى الملوك، ودرس للمالكية يومئذ الشيخ الصالح العالم أبو الحسن المغربي المالكي نيابة أيضا، حتى يعين شيخ غيره، ووقفت خزائن كتب لم يسمع بمثلها في كثرتها وحسن نسخها وجودة الكتب الموقوفة بها. وكان المتولي لعمارة هذه المدرسة مؤيد الدين أبو طالب محمد بن العلقمي الذي وزر بعد ذلك، وقد كان إذ ذاك أستاذ دار الخلافة، وخلع عليه يومئذ وعلى الوزير نصير الدين. ثم عزل مدرس الشافعية في رابع عشر ذي القعدة بقاضي القضاة