فسادا، وقتل خلقا كثيرا، وتملك بلادا.
وفي هذه السنة والتي قبلها استحوذ جيش الخليفة على بلاد الري وأصبهان وهمدان وخوزستان وغيرها من البلاد، وقوي جانب الخلافة على الملوك والممالك. وفيها خرج العزيز من مصر قاصدا دمشق ليأخذها من يد أخيه الأفضل، وكان الأفضل قد تاب وأناب وأقلع عما كان فيه من الشراب واللهو واللعب، وأقبل على الصيام والصلاة، وشرع بكتابة مصحف بيده، وحسنت طريقته، غير أن وزيره الضياء الجزري يفسد عليه دولته، ويكدر عليه صفوته، فلما بلغ الأفضل إقبال أخيه نحوه سار سريعا إلى عمه العادل وهو بجعبر فاستنجده فسار معه وسبقه إلى دمشق، وراح الأفضل أيضا إلى أخيه الظاهر بحلب، فسارا جميعا نحو دمشق، فلما سمع العزيز بذلك وقد اقترب من دمشق، كر راجعا سريعا إلى مصر، وركب وراءه العادل والأفضل ليأخذا منه مصر، وقد اتفقا على أن يكون ثلث مصر للعادل وثلثاها للأفضل، ثم بدا للعادل في ذلك فأرسل للعزيز يثبته، وأقبل على الأفضل يثبطه، وأقاما على بلبيس أياما حتى خرج إليهما القاضي الفاضل من جهة العزيز، فوقع الصلح على أن يرجع القدس ومعاملتها للأفضل، ويستقر العادل مقيما بمصر على إقطاعه القديم، فأقام العادل بها طمعا فيها ورجع العادل إلى دمشق بعد ما خرج العزيز لتوديعه، وهي هدنة على قذا، وصلح على دخن.
وفيها توفي من الأعيان:
علي بن حسان بن سافر أبو الحسن الكاتب البغدادي، كان أديبا شاعرا. من شعره قوله:
نفى رقادي ومضى * برق بسلع ومضا لاح كما سلت يد ال * أسود عضبا أبيضا كأنه الأشهب في * النقع إذا ما ركضا يبدو كما تختلف الريح * على جمر الغضا فتحسب الريح أبدا * نظرا وغمضا (1) أو شعلة النار علا * لهيبها وانخفضا آه له من بارق * ضاء على ذات الاضا أذكرني عهدا مضى * على الغوير وانقضى فقال لي قلبي أتوصي * حاجة وأعرضا يطلب من أمرضه * فديت ذاك الممرضا