والباب مجاف عليه، والناس في صلاة الجمعة، وهو ينتظر أن يخرج صاحب الزمان من سرداب سامرا - يعني محمد بن الحسن العسكري - ليميل بسيفه في الناس نصرة للمهدي.
أبو غالب بن كمنونة اليهودي الكاتب، كان يزور على خط ابن مقلة من قوة خطه، توفي لعنه الله بمطمورة واسط، ذكره ابن الساعي: في تاريخه.
ثم دخلت سنة ثنتين وستمائة فيها وقعت حرب عظيمة بين شهاب الدين محمد بن سام الغوري، صاحب غزنة، وبين بني بوكر (1) أصحاب الجبل الجودي، وكانوا قد ارتدوا عن الاسلام فقاتلهم وكسرهم وغنم منهم شيئا كثيرا لا يعد ولا يوصف، فاتبعه بعضهم حتى قتله غيلة في ليلة مستهل شعبان منها بعد العشاء، وكان رحمه الله من أجود الملوك سيرة وأعقلهم وأثبتهم في الحرب، ولما قتل كان في صحبته فخر الدين الرازي، وكان يجلس للوعظ بحضرة الملك ويعظه، وكان السلطان يبكي حين يقول في آخر مجلسه يا سلطان سلطانك لا يبقى، ولا يبقى الرازي أيضا وإن مردنا جميعا إلى الله، وحين قتل السلطان اتهم الرازي بعض الخاصكية بقتله، فخاف من ذلك والتجأ إلى الوزير مؤيد الملك بن خواجا، فسيره إلى حيث يأمن وتملك غزنة بعده أحد مماليكه تاج الدر (2)، وجرت بعد ذلك خطوب يطول ذكرها، قد استقصاها ابن الأثير وابن الساعي.
وفيها أغارت الكرج على بلاد المسلمين فوصلوا إلى أخلاط فقتلوا وسبوا وقاتلهم المقاتلة والعامة. وفيها سار صاحب إربل مظفر الدين كوكري (3) وصحبته صاحب مراغة لقتال ملك أذربيجان، وهو أبو بكر بن البهلول، وذلك لنكوله عن قتال الكرج وإقباله على السكر ليلا ونهارا، فلم يقدروا عليه، ثم إنه تزوج في هذه السنة بنت ملك الكرج، فانكف شرهم عنه.
قال ابن الأثير: وكان كما يقال: أغمد سيفه وسل أيره. وفيها استوزر الخليفة نصير الدين ناصر بن مهدي ناصر العلوي الحسني وخلع عليه بالوزارة وضربت الطبول بين يديه وعلى بابه في أوقات الصلوات. وفيها أغار صاحب بلاد الأرمن وهو ابن لاون على بلاد حلب فقتل وسبى ونهب، فخرج إليه الملك الظاهر غازي بن الناصر فهرب ابن لاون بين يديه، فهدم الظاهر قلعة