فيها الملك المجاهد أنس بن الملك العادل كتبغا، وتصدقوا بصدقات كثيرة في الحرمين وغيرهما ونودي بدمشق في يوم عرفة أن لا يركب أحد من أهل الذمة خيلا ولا بغالا، ومن رأى من المسلمين أحدا من أهل الذمة قد خالف ذلك فله سلبه. وفي أواخر هذه السنة والتي تليها حصل بديار مصر غلاء شديد هلك بسببه خلق كثير، هلك في شهر ذي الحجة نحو من عشرين ألفا (1).
وفيها ملك التتار قازان بن أرغون بن أبغا بن تولى بن جنكيزخان فأسلم وأظهر الاسلام على يد الأمير توزون رحمه الله، ودخلت التتار أو أكثرهم في الاسلام ونثر الذهب والفضة واللؤلؤ على رؤوس الناس يوم إسلامه، وتسمى بمحمود، وشهد الجمعة والخطبة، وخرب كنائس كثيرة، وضرب عليهم الجزية ورد مظالم كثيرة ببغداد وغيرها من البلاد، وظهرت السبح والهياكل مع التتار والحمد لله وحده.
وفيها توفي من الأعيان:
الشيخ أبو الرجال المنيني الشيخ الصالح الزاهد العابد أبو الرجال بن مري بن بحتر المنيني (2)، كانت له أحوال ومكاشفات وكان أهل دمشق والبلاد يزورونه في قرية منين، وربما قدم هو بنفسه إلى دمشق فيكرم ويضاف وكانت له زاوية ببلده، وكان بريئا من هذه السماعات الشيطانية، وكان تلميذ الشيخ جندل، وكان شيخه الشيخ جندل من كبار الصالحين سالكا طريق السلف أيضا، وقد بلغ الشيخ أبو الرجال ثمانين سنة، وتوفي بمنين في منزله في عاشر المحرم، وخرج الناس من دمشق إلى جنازته فمنهم من أدركها ومن الناس من لم يدرك فصلى على القبر ودفن بزاويته رحمه الله.
وفيها في أواخر ربيع الأول جاء الخبر بأن عساف بن أحمد بن حجى الذي كان قد أجار ذلك النصراني الذي سب الرسول قتل ففرح الناس بذلك.
الشيخ الصالح العابد الزاهد الورع بقية السلف جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن الحرستاني ابن قاضي القضاة، وخطيب الخطباء، عماد الدين عبد الكريم بن جمال الدين عبد الصمد، سمع الحديث وناب عن أبيه في