تغضب عليه العادل ثم ترضاه الكامل وأعاده إلى وزارته وحرمته، ودفن بمدرسته المشهورة بمصر وذكر أن أصله من قرية يقال له دميرة بمصر.
الملك ناصر الدين محمود ابن عز الدين مسعود بن نور الدين أرسلان شاه بن قطب الدين مودود بن عماد الدين بن زنكي بن آقسنقر صاحب الموصل، كان مولده في سنة ثلاث عشرة وستمائة، وقد أقامه بدر الدين لؤلؤ صورة حتى تمكن أمره وقويت شوكته، ثم حجر عليه فكان لا يصل إلى أحد من الجواري ولا شئ من السراري، حتى لا يعقب، وضيق عليه في الطعام والشراب، فلما توفي جده لامه مظفر الدين كوكبرى صاحب إربل منعه حينئذ من الطعام والشراب ثلاثة عشر (1) يوما حتى مات كمدا وجوعا وعطشا رحمه الله، وكان من أحسن الناس صورة، وهو آخر ملوك الموصل من بيت الأتابكي.
القاضي شرف الدين إسماعيل بن إبراهيم أحد مشايخ الحنفية، وله مصنفات في الفرائض وغيرها، وهو ابن خالة القاضي شمس الدين بن الشيرازي الشافعي، وكلاهما كان ينوب عن ابن الزكي وابن الحرستاني، وكان يدرس بالطرخانية. وفيها سكنه، فلما أرسل إليه المعظم أن يفتي بإباحة نبيذ التمر وماء الرمان امتنع من ذلك وقال أنا على مذهب محمد بن الحسن في ذلك، والرواية عن أبي حنيفة شاذة، ولا يصح حديث ابن مسعود في ذلك، ولا الأثر عن عمر أيضا. فغضب عليه المعظم وعزله عن التدريس وولاه لتلميذه الزين بن العتال، وأقام الشيخ بمنزله حتى مات.
قال أبو شامة: ومات في هذه السنة جماعة من السلاطين منهم المغيث بن المغيث بن العادل، والعزيز عثمان بن العادل، ومظفر الدين صاحب إربل. قلت أما صاحب إربل فهو:
الملك المظفر أبو سعيد كوكبري (2) ابن زين الدين علي بن تبكتكين أحد الأجواد والسادات الكبراء والملوك الأمجاد، له آثار حسنة وقد عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون، وكان قد هم بسياقة الماء إليه من ماء بذيرة فمنعه المعظم من ذلك، واعتل بأنه قد يمر على مقابر المسلمين بالسفوح، وكان يعمل المولد الشريف في