بكماله. وقد كان الكامل مخيما بظاهر آمد من أعمال الجزيرة، قد افتتحها بعد حصار طويل وهو مسرور بما نال من ملكها. وفيها فتحت دار الضيافة ببغداد للحجيج حين قدموا من حجهم، وأجريت عليهم النفقات والكساوي والصلات وفيها سارت العساكر المستنصرية صحبة الأمير سيف الدين أبي الفضائل إقبال الخاص المستنصري إلى مدينة إربل وأعمالها، وذلك لمرض مالكها مظفر الدين كوكبري بن زين الدين، وأنه ليس له من بعده من يملك البلاد، فحين وصلها الجيش منعه أهل البلد فحاصروه حتى افتتحوه عنوة في السابع عشر من شوال في هذه السنة، وجاءت البشائر بذلك فضربت الطبول ببغداد بسبب ذلك، وفرح أهلها، وكتب التقليد عليها لاقبال المذكور، فرتب فيها المناصب وسار فيها سيرة جيدة، وامتدح الشعراء هذا الفتح من حيث هو، وكذلك مدحوا فاتحها إقبال، ومن أحسن ما قال بعضهم في ذلك:
يا يوم سابع عشر شوال الذي * رزق السعادة أولا وأخيرا هنيت فيه بفتح إربل مثلما * هنيت فيه وقد جلست وزيرا يعني أن الوزير نصير الدين بن العلقمي، قد كان وزر في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وفي مستهل رمضان من هذه السنة شرع في عمارة دار الحديث الأشرفية بدمشق، وكانت قبل ذلك دارا للأمير قايماز وبها حمام فهدمت وبنيت عوضها. وقد ذكر السبط في هذه السنة أن في ليلة النصف من شعبان فتحت دار الحديث الأشرفية المجاورة لقلعة دمشق، وأملى بها الشيخ تقي الدين بن الصلاح الحديث، ووقف عليها الأشرف الأوقاف، وجعل بها نعل النبي صلى الله عليه وسلم. قال وسمع الأشرف صحيح البخاري في هذه السنة على الزبيدي، قلت: وكذا سمعوا عليه بالدار وبالصالحية. قال:
وفيها فتح الكامل آمد وحصن كيفا ووجد عند صاحبها خمسمائة حرة للفراش فعذبه الأشرف عذابا أليما. وفيها قصد صاحب ماردين وجيش بلاد الروم الجزيرة فقتلوا وسبوا وفعلوا ما لم يفعله التتار بالمسلمين.
وممن توفي فيها من الأعيان في هذه السنة من المشاهير:
أبو القاسم علي بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي كان شيخا لطيفا ظريفا، سمع الكثير وعمل صناعة الوعظ مدة، ثم ترك ذلك، وكان يحفظ شيئا كثيرا من الاخبار والنوادر والاشعار، ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وكانت وفاته في هذه السنة وله تسع وسبعون سنة. وقد ذكر السبط وفاة:
الوزير صفي الدين بن شكر في هذه السنة، وأثنى عليه وعلى محبته للعلم وأهله، وأن له مصنفا سماه البصائر، وأنه