الخوارزمي استحوذ على بلاد خلاط وقتل من أهلها خلقا كثيرا ونهب أموالا كثيرة، فالتقى معه الأشرف واقتتلوا قتالا عظيما فهزمه الأشرف هزيمة منكرة، وهلك من الخوارزمية خلق كثير، ودقت البشائر في البلاد فرحا بنصرة الأشرف على الخوارزمية، فإنهم كانوا لا يفتحون بلدا إلا قتلوا من فيه ونهبوا أموالهم، فكسرهم الله تعالى. وقد كان الأشرف رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قبل الوقعة وهو يقول له: يا موسى أنت منصور عليهم ولما فرغ من كسرتهم عاد إلى بلاد خلاط فرمم شعثها وأصلح ما كان فسد منها. ولم يحج أحد من أهل الشام في هذه السنة ولا في التي قبلها، وكذا فيما قبلها أيضا، فهذه ثلاث سنين لم يسر من الشام أحد إلى الحج. وفيها أخذت الفرنج جزيرة سورقة وقتلوا بها خلقا وأسروا آخرين، فقدموا بهم إلى الساحل فاستقبلهم المسلمون فأخبروا بما جرى عليهم من الفرنج.
وممن توفي فيها من الأعيان:
زين الامناء الشيخ الصالح أبو البركات بن الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن زين الامناء بن عساكر الدمشقي الشافعي، سمع على عميه الحافظ أبي القاسم والصائن وغير واحد، وعمر وتفرد بالرواية وجاوز الثمانين بنحو من ثلاث سنين، وأقعد في آخر عمره فكان يحمل في محفة إلى الجامع وإلى دار الحديث النورية لاسماع الحديث، وانتفع به الناس مدة طويلة، ولما توفي حضر الناس جنازته ودفن عند أخيه الشيخ فخر الدين بن عساكر بمقابر الصوفية رحمه الله تعالى.
الشيخ بيرم المارديني كان صالحا منقطعا محبا للعزلة عن الناس، وكان مقيما بالزاوية الغربية من الجامع، وهي التي يقال لها الغزالية، وتعرف بزاوية الدولعي وبزاوية القطب النيسابوري، وبزاوية الشيخ أبي نصر المقدسي، قاله الشيخ شهاب الدين أبو شامة، وكان يوم جنازته مشهودا، ودفن بسفح قاسيون رحمه الله تعالى وعفا عنه بمنه وكرمه.
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وستمائة استهلت هذه السنة والملك الأشرف موسى بن العادل مقيم بالجزيرة مشغول فيها بإصلاح ما كان جلال الدين الخوارزمي قد أفسده من بلاده، وقد قدمت التتار في هذه السنة إلى الجزيرة وديار بكر فعاثوا بالفساد يمينا وشمالا، فقتلوا ونهبوا وسبوا على عادتهم خذلهم الله تعالى. وفيها رتب إمام بمشهد أبي بكر من جامع دمشق وصليت فيه الصلوات الخمس. وفيها درس الشيخ تقي