يوم الخميس ثاني رجب، ودخل إمام الدين إلى دمشق عقيب صلاة الظهر يوم الأربعاء الثامن من رجب فجلس بالعادلية وحكم بين الناس وامتدحه الشعراء بقصائد، منها قصيدة لبعضهم يقول في أولها:
تبدلت الأيام من بعد عسرها يسرا * فأضحت ثغور الشام تفتر بالبشرى وكان حال دخوله عليه خلعة السلطان ومعه القاضي جمال الدين الزواوي، قاضي قضاة المالكية وعليه خلعة أيضا، وقد شكر سيرة إمام الدين في السفر، وذكر من حسن أخلاقه ورياضته ما هو حسن جميل ودرس بالعادلية بكرة الأربعاء منتصف رجب، وأشهد عليه بعد الدرس بولاية أخيه جلال الدين نيابة الحكم، وجلس في الديوان الصغير وعليه الخلعة، وجاء الناس يهنئونه وقرئ تقليده يوم الجمعة بالشباك الكمالي بعد الصلاة بحضرة نائب السلطنة وبقية القضاة، قرأه شرف الدين الفزاري. وفي شعبان وصل الخبر بأن شمس الدين الأعسر تولى بالديار المصرية شد الدواوين والوزارة، وباشر المنصبين جميعا، وباشر نظر الدواوين بدمشق فخر الدين بن السيرجي عوضا عن زين الدين بن صصرى، ثم عزل بعد قليل بشهر أو أقل بأمين الدين بن هلال، وأعيدت الشامية البرانية إلى الشيخ زين الدين الفارقي مع الناصرية بسبب غيبة كمال الدين بن الشريشي بالقاهرة.
وفي الرابع عشر من ذي القعدة أمسك الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري نائب الديار المصرية لاجين هو وجماعة من الامراء معه، واحتيط على حواصلهم وأموالهم بمصر والشام (1)، وولى السلطان نيابة مصر للأمير سيف الدين منكوتمر الحسامي، وهؤلاء الامراء الذين مسكهم هم الذين كانوا قد أعانوه وبايعوه على العادل كتبغا، وقدم الشيخ كمال الدين الشريشي ومعه توقيع بتدريس الناصرية عوضا عن الشامية البرانية، وأمسك الأمير شمس الدين سنقر الأعسر وزير مصر وشاد الدواوين يوم السبت الثالث والعشرين من ذي الحجة، واحتيط على أمواله وحواصله بمصر والشام.
ونودي بمصر في ذي الحجة أن لا يركب أحد من أهل الذمة فرسا ولا بغلا، ومن وجد منهم راكبا ذلك أخذ منه. وفيها ملك اليمن السلطان الملك المؤيد هزبر الدين داود بن الملك المظفر المتقدم ذكره في التي قبلها.
وممن توفي فيها من الأعيان:
قاضي قضاة الحنابلة بمصر عز الدين عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض المقدسي الحنبلي، سمع الحديث وبرع في