له: يا شيخ بلغني عنك أنك تغسل العضو من أعضائك بإبريق من الماء فلم لا تغسل اللقمة التي تأكلها لتستنظف قلبك وباطنك؟ ففهم الشيخ ما أراد فترك ذلك. توفي بالموصل في رجب عن ثلاث وسبعين سنة.
ابن حمدون تاج الدين أبو سعد الحسن بن محمد بن حمدون، صاحب التذكرة الحمدونية (1)، كان فاضلا بارعا، اعتنى بجمع الكتب المنسوبة وغيرها، وولاه الخليفة المارستان العضدي، توفي بالمدائن وحمل إلى مقابر قريش فدفن بها.
صاحب الروم خسروشاه ابن قلج أرسلان، مات فيها وقام بالملك بعده ولده كيكايرس (2)، فلما توفي في سنة خمس عشرة ملك أخوه كيقباذ صارم الدين برغش العادلي نائب القلعة بدمشق، مات في صفر ودفن بتربته غربي الجامع المظفري، وهذا الرجل هو الذي نفى الحافظ عبد الغني المقدسي إلى مصر وبين يديه كان عقد المجلس، وكان في جملة من قام عليه ابن الزكي والخطيب الدولعي، وقد توفوا أربعتهم وغيرهم ممن قام عليه واجتمعوا عند ربهم الحكم العدل سبحانه.
الأمير فخر الدين سركس ويقال له جهاركس أحد أمراء الدولة الصلاحية وإليه تنسب قباب سركس بالسفح تجاه تربة خاتون وبها قبره. قال ابن خلكان: هذا هو الذي بنى القيسارية الكبرى بالقاهرة المنسوبة إليه وبنى في أعلاها مسجدا معلقا وربعا، وقد ذكر جماعة من التجار أنهم لم يروا لها نظيرا في البلدان في حسنها وعظمها وإحكام بنائها. قال: وجهاركس بمعنى أربعة أنفس. قلت: وقد كان نائبا للعادل على بانياس وتينين وهو بين، فلما توفي ترك ولدا صغيرا فأقره العادل على ما كان يليه أبوه وجعل له مدبرا وهو الأمير صارم الدين قطلبا التنيسي، ثم استقل بها بعد موت الصبي إلى سنة خمس عشرة.