الشيخ الامام العالم شهاب الدين عبد الحليم بن الشيخ الامام العلامة مجد الدين عبد الله (1) بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الحراني، والد شيخنا العلامة العلم تقي الدين بن تيمية، مفتي الفرق، الفارق بين الفرق، كان له فضيلة حسنة، ولديه فضائل كثيرة، وكان له كرسي بجامع دمشق يتكلم عليه عن ظاهر قلبه، وولي مشيخة دار الحديث السكرية بالقصاعين، وبها كان سكنه، ثم درس ولده الشيخ تقي الدين بها بعده في السنة الآتية كما سيأتي، ودفن بمقابر الصوفية رحمه الله.
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وستمائة في يوم الاثنين ثاني المحرم منها درس الشيخ الامام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد ابن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني بدار الحديث السكرية التي بالقصاعين، وحضر عنده قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي الشافعي، والشيخ تاج الدين الفزاري شيخ الشافعية، والشيخ زين الدين بن المرحل، وزين الدين بن المنجا الحنبلي، وكان درسا هائلا، وقد كتبه الشيخ تاج الدين الفزاري بخطه لكثرة فوائده، وكثرة ما استحسنه الحاضرون. وقد أطنب الحاضرون في شكره على حداثة سنه وصغره، فإنه كان عمره إذ ذاك عشرين سنة وسنتين، ثم جلس الشيخ تقي الدين المذكور أيضا يوم الجمعة عاشر صفر بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة على منبر قد هيئ له لتفسير القرآن العزيز، فابتدأ من أوله في تفسيره، وكان يجتمع عنده الخلق الكثير والجم الغفير من كثرة ما كان يورد من العلوم المتنوعة المحررة مع الديانة والزهادة والعبادة سارت بذكره الركبان في سائر الأقاليم والبلدان، واستمر على ذلك مدة سنين متطاولة.
وفيها قدم السلطان إلى دمشق من مصر يوم السبت ثاني عشر جمادى الآخرة، فجاء صاحب حماه الملك المنصور إلى خدمته فتلقاه السلطان في موكبه وأكرمه، فلما كان ليلة الأربعاء الرابع (2) والعشرين من شعبان وقع مطر عظيم بدمشق، ورعد وبرق، وجاء سيل عظيم جدا حتى كسر أقفال باب الفراديس، وارتفع الماء ارتفاعا كثيرا، بحيث أغرق خلقا كثيرا، وأخذ جمال الجيش المصري وأثقالهم، فخرج السلطان إلى الديار المصرية بعد ثلاثة أيام، وتولى مشد الدواوين الأمير شمس الدين سنقر عوضا عن الدويدراي علم الدين سنجر. وفيها اختلف التتار فيما بينهم على ملكهم السلطان أحمد فعزلوه عنهم وقتلوه، وملكوا عليهم السلطان أرغون بن أبغا، ونادوا بذلك