شيخا كبيرا قد أسن وكان يميل إلى دين النصارى ولكن لا يمكنه الخروج من حكم جنكيزخان في الياساق (1).
قال الشيخ قطب الدين اليونيني: وقد رأيته ببعلبك حين حاصر قلعتها، وكان شيخا حسنا له لحية طويلة مسترسلة قد ضفرها مثل الدبوقة، وتارة يعلقها من خلفه بأذنه، وكان مهيبا شديد السطوة، قال: وقد دخل الجامع فصعد المنارة ليتأمل القلعة منها، ثم خرج من الباب الغربي فدخل دكانا خرابا فقضى حاجته والناس ينظرون إليه وهو مكشوف العورة، فلما فرغ من حاجته مسحه بعض أصحابه بقطن ملبد مسحة واحدة. قال ولما بلغه خروج المظفر بالعساكر من مصر تلوم في أمره وحار ماذا يفعل، ثم حملته نفسه الأبية على لقائه، وظن أنه منصور على جاري عادته، فحمل يومئذ على الميسرة فكسرها ثم أيد الله المسلمين وثبتهم في المعركة فحملوا حملة صادقة على التتار فهزموهم هزيمة لا تجبر أبدا، وقتل أميرهم كتبغانوين في المعركة وأسر ابنه، وكان شابا حسنا، فأحضر بين يدي المظفر قطز فقال له أهرب أبوك؟ قال: إنه لا يهرب، فطلبوه فوجدوه بين القتلى، فلما رآه ابنه صرخ وبكى، فلما تحققه المظفر سجد لله تعالى ثم قال: أنام طيبا. كان هذا سعادة التتار وبقتله ذهب سعدهم، وهكذا كان كما قال ولم يفلحوا بعده أبدا، وكان قتله يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، وكان الذي قتله الأمير آقوش الشمسي رحمه الله.
الشيخ محمد الفقيه اليونيني الحنبلي البعلبكي الحافظ، هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أبي الرجال أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق، كذا نقل هذه النسبة الشيخ قطب الدين اليونيني من خط أخيه الأكبر أبي الحسين علي وأخبره أن والده قال له نحن من سلالة جعفر الصادق، قال وإنما قال له هذا عند الموت ليتخرج من قبول الصدقات.
أبو عبد الله بن أبي الحسين اليونيني الحنبلي تقي الدين الفقيه الحنبلي الحافظ المفيد البارع العابدة الناسك، ولد سنة ثنتين وسبعين وخمسمائة، وسمع الخشوعي وحنبلا الكندي والحافظ عبد الغني وكان يثني عليه، وتفقه على الموفق، ولزم الشيخ عبد الله اليونيني فانتفع به، وكان الشيخ عبد الله يثني عليه ويقدمه ويقتدي به في الفتاوى، وقد لبس الخرقة من شيخ شيخه عبد الله البطائحي،