بلاد الجزيرة وغيرها، وقد جاز أشموط (1) بن هولاكو خان الفرات وقرب من حلب، فعند ذلك عقدوا مجلسا بين يدي المنصور بن المعز التركماني (2)، وحضر قاضي مصر بدر الدين السنجاري (3)، والشيخ عز الدين بن عبد السلام، وتفاوضوا الكلام فيما يتعلق بأخذ شئ من أموال العامة لمساعدة الجند، وكانت العمدة على ما يقوله ابن عبد السلام، وكان حاصل كلامه أنه قال: إذا لم يبق في بيت المال شئ ثم أنفقتم أموال الحوائض المذهبة وغيرها من الفضة والزينة، وتساويتم أنتم والعامة في الملابس سوى آلات الحرب بحيث لم يبق للجندي سوى فرسه التي يركبها، ساغ للحاكم حينئذ أخذ شئ من أموال الناس في دفع الأعداء عنهم، لأنه إذا دهم العدو البلاد، وجب على الناس كافة دفعهم بأموالهم وأنفسهم (4).
ولاية الملك المظفر قطز وفيها قبض الأمير سيف الدين قطز على ابن أستاذه نور الدين علي الملقب بالمنصور، وذلك في غيبة أكثر الامراء من مماليك أبيه وغيرهم في الصيد، فلما مسكه سيره مع أمه وابنيه وأخوته إلى بلاد الأشكري، وتسلطن هو وسمى نفسه بالملك المظفر (5)، وكان هذا من رحمة الله بالمسلمين، فإن الله جعل على يديه كسر التتار كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وبان عذره الذي اعتذر به إلى الفقهاء والقضاة وإلى ابن العديم، فإنه قال: لا بد للناس من سلطان قاهر يقاتل عن المسلمين عدوهم، وهذا صبي صغير لا يعرف تدبير المملكة.
وفيها برز الملك الناصر صاحب دمشق إلى وطاء، برز في جحافل كثيرة من الجيش والمتطوعة والاعراب وغيرهم، ولما علم ضعفهم عن مقاومة المغول ارفض ذلك الجمع، ولم يسر لا هو ولا هم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفيها توفي من الأعيان:
واقف الصدرية صدر الدين أسعد بن المنجاة بن بركات بن مؤمل (6) التنوخي المغربي ثم الدمشقي الحنبلي أحد المعدلين، ذوي الأموال، والمروءات والصدقات