نجم الدين أيوب ابن العادل صاحب خلاط، يقال إنه كان قد سفك الدماء وأساء السيرة فقصف الله عمره، ووليها بعده أخوه الملك الأشرف موسى، وكان محمود السيرة جيد السريرة فأحسن إلى أهلها فأحبوه كثيرا. وفيها توفي من الأعيان:
فقيه الحرم الشريف بمكة محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي بكر القفصي المقري المحدث، كتب كثيرا وسمع الكثير ودفن بمقابر الصوفية.
أبو الفتح محمد بن سعد بن محمد الديباجي من أهل مرو، له كتاب المحصل في شرح المفصل للزمخشري في النحو. كان ثقة عالما سمع الحديث توفي فيها عن ثنتين وتسعين سنة.
الشيخ الصالح الزاهد العابد أبو البقاء محمود بن عثمان بن مكارم النعالي الحنبلي، كان له عبادات ومجاهدات وسياحات، وبنى رباطا بباب الأزج يأوي إليه أهل العلم من المقادسة وغيرهم، وكان يؤثرهم ويحسن إليهم، وقد سمع الحديث وقرأ القرآن، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. توفي وقد جاوز الثمانين.
ثم دخلت سنة عشر وستمائة فيها أمر العادل أيام الجمع بوضع سلاسل على أفواه الطرق إلى الجامع لئلا تصل الخيول إلى قريب الجامع صيانة للمسلمين عن الأذى بهم، ولئلا يضيقوا على المارين إلى الصلاة. وفيها ولد الملك العزيز للظاهر غازي صاحب حلب، وهو والد الملك الناصر صاحب دمشق واقف الناصريتين داخل دمشق، إحداهما داخل باب الفراديس، والأخرى بالسفح ذات الحائط الهائل والعمارة المتينة، التي قيل إنه لا يوجد مثلها إلا قليلا، وهو الذي أسره التتار الذين مع هلاكو ملك التتار. وفيها قدم بالفيل من مصر فحمل هدية إلى صاحب الكرج فتعجب الناس منه جدا، ومن بديع خلقه. وفيها قدم الملك الظافر خضر بن السلطان صلاح الدين من حلب قاصدا الحج، فتلقاه الناس وأكرمه ابن عمه المعظم، فلما لم يبق بينه وبين مكة إلا مراحل يسيرة تلقته