الفرج الشيرازي، وهم ينتسبون إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه، ولد الناصح سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وقرأ القرآن وسمع الحديث، وكان يعظ في بعض الأحيان. وقد ذكرنا قبل أنه وعظ في حياة الشيخ الحافظ عبد الغني، وهو أول من درس بالصالحية التي بالجبل، وله بنيت، وله مصنفات. وقد اشتغل على ابن المنى البغدادي، وكان فاضلا صالحا، وكانت وفاته بالصالحية ودفن هناك رحمه الله.
الكمال بن المهاجر التاجر كان كثير الصدقات والاحسان إلى الناس، مات فجأة في جمادى الأولى بدمشق فدفن بقاسيون، واستحوذ الأشرف على أمواله، فبلغت التركة قريبا من ثلاثمائة ألف دينار، من ذلك سبحة فيها مائة حبة لؤلؤ، كل واحدة مثل بيضة الحمامة.
الشيخ الحافظ أبو عمرو عثمان بن دحية أخو الحافظ أبي الخطاب بن دحية، كان قد ولي دار الحديث الكاملية حين عزل أخوه عنها، حتى توفي في عامه هذا، وكان ندر في صناعة الحديث أيضا رحمه الله تعالى.
القاضي عبد الرحمن التكريتي الحاكم بالكرك، ومدرس مدرسة الزبداني، فلما أخذت أوقافها سار إلى القدس ثم إلى دمشق، فكان ينوب بها عن القضاة، وكان فاضلا نزها عفيفا دينا رحمه الله تعالى ورضي عنه.
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وستمائة فيها كانت وفاة الأشرف ثم أخوه الكامل، أما الأشرف موسى بن العادل باني دار الحديث الأشرفية وجامع التوبة وجامع جراح، فإنه توفي في يوم الخميس رابع المحرم من هذه السنة، بالقلعة المنصورة، ودفن بها حتى نجزت تربته التي بنيت له شمالي الكلاسة، ثم حول إليها رحمه الله تعالى، في جمادى الأولى، وقد كان ابتداء مرضه في رجب من السنة الماضية، واختلفت عليه الادواء حتى كان الجرائحي يخرج العظام من رأسه وهو يسبح الله عز وجل، فلما كان آخر السنة تزايد به المرض واعتراه إسهال مفرط فخارت قوته فشرع في التهئ للقاء الله عز وجل، فأعتق مائتي غلام وجارية، ووقف دار فروخشاه التي يقال لها دار السعادة، وبستانه بالنيرب على ابنيه، وتصدق بأموال جزيلة، وأحضر له كفنا كان قد أعده من ملابس الفقراء والمشايخ الذين لقيهم من الصالحين. وقد كان رحمه الله تعالى شهما شجاعا كريما جوادا لأهل العلم، لا سيما أهل الحديث،