حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه * فالقوم أعداء له وخصوم فانتقل سيف الدين إلى حماه ثم تحول إلى دمشق فدرس بالعزيزية، ثم عزل عنها ولزم بيته إلى أن مات في هذه السنة، وله ثمانون عاما رحمه الله تعالى وعفا عنه.
واقف الركنية الأمير ركن الدين منكورس الفلكي غلام فلك الدين أخي الملك العادل، لأنه وقف الفلكية كما تقدم، وكان هذا الرجل من خيار الامراء، ينزل في كل ليلة وقت السحر إلى الجامع وحده بطوافه ويواظب على حضور الصلوات فيه مع الجماعة، وكان قليل الكلام كثير الصدقات، وقد بنى المدرسة الركنية بسفح قاسيون، ووقف عليها أوقافا كثيرة وعمل عندها تربة، وحين توفي بقرية حدود (1) حمل إليها رحمه الله تعالى.
الشيخ الامام العالم رضي الدين أبو سليمان بن المظفر بن غنائم الجيلي الشافعي، أحد فقهاء بغداد والمفتيين بها والمشغلين للطلبة مدة طويلة، له كتاب في المذهب نحو من خمسة عشر مجلدا، يحكي فيه الوجوه الغريبة والأقوال المستغربة وكان لطيفا ظريفا، توفي رحمه الله يوم الأربعاء ثالث ربيع الأول من هذه السنة ببغداد.
الشيخ طي المصري أقام مدة بالشام في زاوية له بدمشق، وكان لطيفا كيسا زاهدا، يتردد إليه الأكابر ودفن بزاويته المذكورة رحمه الله تعالى.
الشيخ عبد الله الأرمني (2) أحد العباد الزهاد الذين جابوا البلاد وسكنوا البراري والجبال والوهاد، واجتمعوا بالأقطاب والابدال والأوتاد، وممن كانت له الأحوال والمكاشفات والمجاهدات والسياحات في سائر النواحي والجهات، وقد قرأ القرآن في بدايته وحفظ كتاب القدوري على مذهب أبي حنيفة، ثم اشتغل