وكم ليل سهرت وبت فيه * أراعي النجم أرتقب الصباحا وكم في فدفد فرسي ونضوي * بقائلة الهجير غدا وراحا لعينك في العجاجة ما ألاقي * وأثبت في الكريهة لا براحا محمد بن يحيى ابن هبة الله أبو نصر النحاس الواسطي كتب إلى السبط من شعره:
وقائلة لما عمرت وصار لي * ثمانون عاما: عش كذا وابق واسلم ودم وانتشق روح الحياة فإنه * لأطيب من بيت بصعدة مظلم فقلت لها: عذري لديك ممهد * ببيت زهير فاعلمي وتعلمي " سئمت تكاليف الحياة ومن يعش * ثمانين حولا لا محالة يسأم " (1) ثم دخلت سنة أربع عشرة وستمائة في ثالث المحرم منها كمل تبليط داخل الجامع الأموي وجاء المعتمد مبارز الدين إبراهيم المتولي بدمشق، فوضع آخر بلاطة منه بيده عند باب الزيارة فرحا بذلك. وفيها زادت دجلة ببغداد زيادة عظيمة وارتفع الماء حتى ساوى القبور إلا مقدار إصبعين، ثم طفح الماء من فوقه وأيقن الناس بالهلكة واستمر ذلك سبع ليال وثمانية أيام حسوما، ثم من الله فتناقص الماء وذهبت الزيادة، وقد بقيت بغداد تلولا وتهدمت أكثر البنايات. وفيها درس بالنظامية محمد بن يحيى بن فضلان وحضر عنده القضاة والأعيان. وفيها صدر الصدر بن حمويه رسولا من العادل إلى الخليفة. وفيها قدم ولده الفخر بن الكامل إلى المعظم يخطب منه ابنته على ابنه أقسيس صاحب اليمن، فعقد العقد بدمشق على صداق هائل. وفيها قدم السلطان علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش من همدان قاصدا إلى بغداد في أربعمائة ألف مقاتل، وقيل في ستمائة ألف، فاستعد له الخليفة واستخدم الجيوش وأرسل إلى الخليفة يطلب منه أن يكون بين يديه على قاعدة من تقدمه من الملوك السلاجقة، وأن يخطب له ببغداد، فلم يجبه الخليفة إلى ذلك، وأرسل إليه الشيخ شهاب الدين السهروردي، فلما وصل شاهد عنده من العظمة وكثرة الملوك بين يديه وهو جالس في حركاة من ذهب على سرير ساج، وعليه قباء بخاري ما يساوي خمسة دراهم، وعلى رأسه جلدة ما تساوي درهما، فسلم عليه فلم يرد عليه من الكبر ولم يأذن له في الجلوس، فقام إلى جانب السرير وأخذ في خطبة هائلة فذكر فيها فضل بني العباس وشرفهم، وأورد حديثا في النهي